
قال الدكتور القس أندريه زكى، رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر، إن عيد القيامة يمثل انتصارًا على الموت والحرب، ودعوة للسلام والفرح، مشيرًا إلى أن العيد يأتى هذا العام فى وقت حرج يعصف بالعديد من دول المنطقة، لكن رسالته تبقى قوية ومؤثرة فى تحقيق السلام والتغلب على الصعاب.
وأضاف «زكى»، فى حواره مع «الدستور»، أن مصر تبرز كواحة للأمن والاستقرار، بفضل جهودها المستمرة للحفاظ على السلام الداخلى ودعم القضايا العادلة، وفى مقدمتها القضية الفلسطينية، إذ تلعب الدولة المصرية دورًا محوريًا فى المشهدين الإقليمى والدولى، سواء عبر تحركاتها الدبلوماسية، أو من خلال دعمها الإنسانى المتواصل، كما هو الحال فى مساعداتها لقطاع غزة، ورفضها القاطع تهجير الفلسطينيين.
■ كيف ترى رسالة عيد القيامة الآن؟
- فى ظل ما يشهده الشرق الأوسط من أجواء عنف وحروب تعصف بعدد من دوله، ورغم قتامة المشهد، فإن رسالة عيد الميلاد تشير إلى أن رجاء القيامة لا يقتصر على البُعد الإيمانى، بل يمتد إلى رجاء بقيامة الشرق الأوسط من تحت أنقاض الحرب إلى الفرح والسلام، فالقيامة، كما تقول الرسالة، ليست لحظة عابرة، بل هى حدث يومى يتحقق فى كل مرة نواجه فيها الموت بالأمل، وننتصر على اليأس بالإيمان.
■ بِمَ تدعو لمصر فى صلواتك خلال عيد القامة؟
- السلام نعمة عظيمة لا تُقدّر بثمن، وهو من أعظم العطايا التى تنعم بها الشعوب، ومن هذا المنطلق، جاءت صلاتى أن تظل عناية الله ممتدة لحماية مصر، وأن يديم عليها نعمة الأمن والاستقرار.
وأدعو الله أن يهب الرئيس عبدالفتاح السيسى الحكمة الدائمة لمواصلة مسيرة السلام والأمان التى تقودها البلاد وسط تحديات كبيرة، وأصلى من أجل أن تتجاوز مصر كل التحديات بنجاح، وتبقى دائمًا واحة للأمن والاستقرار لكل أبنائها.
■ دعا البابا تواضروس لتوحيد الأعياد بين كنائس الشرق والغرب.. كيف ترى الدعوة؟
- هى دعوة جيدة للغاية، ولو طبقت ستكون خطوة جيدة للتقارب بين كنائس الشرق والغرب، وأنا أؤيد هذه الدعوة للاحتفال بالعيد فى وقت واحد، وقد صادف هذا العام أن جميع الكنائس بالعالم تحتفل فى وقت واحد، ولا يوجد ما يمنع من تكرار هذا الأمر مرة أخرى، ولكن بشكل تعاونى.
■ ماذا تفعل فى عيد القيامة؟
- أسبوع عيد القيامة وقت مهم جدًا، حيث أتابع الاحتفالات بكل الكنائس، وأحاول مشاركتها فى الاحتفالات، فهناك متعة فى لقاء الناس خلال فترة الأعياد.
■ كيف تدعمون أخوة الرب أو الفقراء خلال الأعياد؟
- هذه من أهم الخدمات بالكنيسة، ونحاول التعامل معها بشكل يراعى احتياجات غير القادرين، خاصة فى فترات الأعياد، عبر تقديم خدمات مادية وإعانات تساعدهم فى عيش حياة كريمة خلال العيد، وذلك من خلال خدمات مخصصة تسمى «أخوة الرب» تنظم فى إطار محلى بكل كنيسة.
■ ما رأيك فى أصداء زيارة الرئيس الفرنسى لمصر دوليًا؟
- عكست زيارة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون مدى استقرار مصر وأمنها، حيث أظهرت مشاهد تجوّل الرئيس الفرنسى وسط المواطنين فى شوارع القاهرة صورة حية لبلد ينعم بالأمن والهدوء.
وحملت الزيارة كذلك بُعدًا إنسانيًا وثقافيًا لافتًا، تجلى فى زيارة ماكرون لمنطقة الحسين وتناوله العشاء فى أحد مطاعمها الشعبية، ما أضفى طابعًا دافئًا على الزيارة ورسّخ صورة مصر كوجهة ذات طابع حضارى وإنسانى.
وأكدت زيارة الرئيسين السيسى وماكرون إلى مدينة العريش حرص البلدين على دعم جهود السلام فى المنطقة، وعكست التوافق بين القاهرة وباريس حول ضرورة تعزيز الاستقرار الإقليمى.
كما أكدت الزيارة عمق العلاقات بين البلدين، كما سلطت الضوء على الدور المحورى الذى تلعبه مصر فى قضايا الشرق الأوسط، سواء على المستوى الأمنى أو السياسى أو الثقافى.
■ هناك دعوات من بعض الدول تنادى بتهجير الفلسطينيين.. ما رأيك بها؟
- دعوات تهجير الفلسطينيين من وطنهم محاولة واضحة لإجهاض القضية الفلسطينية بشكل كامل، إذ إن جوهر هذه القضية يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالشعب والأرض، وإذا ما فُرض على الشعب الفلسطينى ترك أرضه، فإن ذلك يُهدد بضياع القضية وتحويلها إلى مسألة منسية على مرّ التاريخ.
لقد دافع العديد من دول العالم عن القضية الفلسطينية عبر العقود، إدراكًا منه لعدالتها وشرعيتها، ومن المؤلم أن تُطرح اليوم دعوات لا إنسانية لاقتلاع شعب من جذوره، وحرمانه من وطنه، وهو ما يُعد انتهاكًا صارخًا للحقوق الإنسانية، وطمسًا لهوية شعب يمتلك تاريخًا عريقًا وحقًا أصيلًا فى أرضه منذ مئات السنين.
■ كيف ترى دور مصر فى الأزمة الفلسطينية؟
- تلعب مصر دورًا محوريًا فى الحفاظ على القضية الفلسطينية حية على طاولة المفاوضات فى المحافل الدولية، وفى مقدمتها الأمم المتحدة، وحرصت باستمرار على التأكيد، فى جميع تحركاتها الدبلوماسية، على الحقوق الإنسانية المشروعة للشعب الفلسطينى فى أرضه.
ومنذ اندلاع الحرب فى السابع من أكتوبر، كانت فى طليعة الدول التى قدمت المساعدات لقطاع غزة، إذ تجاوزت نسبة مساعداتها ٨٠٪ من إجمالى ما دخل القطاع، كما لعبت دورًا مهمًا فى إفشال مخطط تهجير الفلسطينيين، فضلًا عن سعيها المستمر فى إعادة إعمار غزة مع بقاء الفلسطينيين فى أرضهم.
■ ما آخر مستجدات قانون الأحوال الشخصية؟
- تم إجراء عدد من الحوارات المجتمعية، وكل كنيسة شاركت بمقترحاتها حول الشكل الأخير للقانون، ولم تقدم الكنيسة الإنجيلية تعديلًا على الشكل الأخير الذى قدمته، وننتظر حاليًا مناقشته وإقراره فى البرلمان.
■ ما المواد التى تخص الكنيسة الإنجيلية فى مشروع القانون؟
- الطائفة الإنجيلية لها مادتان تخصان الطلاق، هما أن يتم الطلاق فى حالة الزنا أو فى حالة تغيير الدين، وهناك مادة عامة تخص الهجر لمدة سنتين ليكون سببًا للانفصال.
وتسمح الكنيسة المحلية والمجمع الإنجيلى، فى بعض الحالات، بالزواج الثانى بعد الطلاق، للطرف المجنى عليه فى قضايا الخيانة، وهذا السماح يأتى بعد دراسة الطلاق وإثبات عدم ذنب الطرف المجنى عليه، والكنيسة ورئاسة الطائفة تصدر قرارًا، بعد بحث جيد، بالزواج مرة أخرى.
■ كيف يقضى القانون الجديد على ثغرة تغيير الملة كسبب للطلاق؟
- لا يسمح هذا القانون بتغيير الملة كوسيلة للالتفاف على إجراءات الطلاق، نظرًا لاعتماده على أسباب محددة وواضحة للانفصال، لا تشمل تغيير الملة، وبهذا، تكون الثغرة التى استُغلّت سابقًا فى بعض الحالات قد أُغلقت تمامًا.
■ ما عدد الكنائس الإنجيلية التى تم تقنينها؟
- بلغ عدد الكنائس نحو ٥٦٥ كنيسة وبيت مؤتمرات، ما يعادل ٦٠٪ من عدد الكنائس التى تحتاج تقنين أوضاع، وأتوقع أن تنتهى اللجنة المختصة بتقنين أوضاع الكنائس من عملها نهائيًا قبل عام ٢٠٣٠. ويعد ملف تقنين أوضاع الكنائس من أهم الملفات التى رسخت لقيم المواطنة خلال السنوات الماضية.
■ من وقت لآخر تنسب طوائف جديدة نفسها للكنيسة الإنجيلية.. كيف تتعاملون معها؟
- غالبًا ما تنشط هذه الطوائف والأفكار فى عالم السوشيال ميديا، نظرًا لأنه فضاء واسع، وفى حال ظهور أى طائفة لا تتبع الكنيسة الإنجيلية، فإننا نصدر تحذيرات بعدم التعامل معها وعدم تبعيتها لنا.
كيف تتعامل مع الأزمات التى تواجهك فى إدارة الكنيسة؟
- هناك تحديات جسيمة وقضايا معقدة تتطلب الكثير من الحكمة والصبر، واختيار التوقيت المناسب للتعامل معها، وأشعر دائمًا بيد الله الحامية، ترافقنى وتعضدنى فى الأوقات العصيبة، لى وللكنيسة. والمنصب الكنسى ليس نزهة، بل مسئولية ثقيلة تتطلب خضوعًا كاملًا لله، وانفتاحًا على إرادته، وطلبًا دائمًا لحكمته فى مواجهة التحديات واتخاذ القرارات الصائبة، فالعشوائية والقرارات غير المدروسة قد تترك أثرًا بالغًا على حاضر الكنيسة ومستقبلها، لا سيما فى ظل عالم مفتوح تتسارع فيه ردود الأفعال عبر منصات التواصل الاجتماعى.