الأربعاء 30/أبريل/2025 - 07:52 م
في قلب مركز دبي التجاري العالمي، وبين آلاف العارضين من شتى بقاع العالم، لم يكن الجناح المصري مجرد مشاركة شكلية في فعاليات معرض سوق السفر العربي (ATM) 2025، بل جاء ليُجسد تحولًا عميقًا في الطريقة التي تخاطب بها مصر العالم سياحيًا.
تحول لا يقتصر على الترويج التقليدي، بل يحمل في طياته رؤية استراتيجية جديدة، تستهدف إعادة التموضع في سوق تنافسي حاد، وتُمهّد الطريق بثقة نحو تحقيق هدف الدولة باستقبال 30 مليون سائح سنويًا بحلول عام 2028.
تحوّل نوعي في الخطاب السياحي
الجناح المصري جاء بتصميم مستوحى من الحضارة الفرعونية، لكن بروح حديثة، استخدمت فيها مصر أدوات العرض الرقمي والتجارب التفاعلية والرسائل الدقيقة، لتُعلن بوضوح: نحن هنا لنقود، لا لنتبع.
لغة جديدة.. لجمهور جديد
ما ميّز مشاركة مصر هذا العام هو تطور الخطاب، لم تعد الحملات تعتمد على الصورة النمطية للآثار والشواطئ، بل تقدم مصر نفسها كـ"تجربة متكاملة" تمتد من البحر إلى الصحراء، ومن السياحة البيئية إلى العلاجية، ومن المغامرة إلى الفخامة.
هذا الخطاب الجديد لم يقتصر على الأسواق الأوروبية والخليجية، بل توجه أيضًا إلى أسواق واعدة مثل آسيا وأمريكا اللاتينية، مما يعكس رغبة واضحة في توسيع الحضور الدولي وتنويع مصادر السياحة.
النمو بالأرقام: من 14.9 إلى 15.78 مليون سائح
هذا التحول في الخطاب لم يكن مجرد تجميل لغوي، بل انعكس على الأرض، ففي عام 2023، استقبلت مصر 14.906 مليون سائح، بينما ارتفع العدد في 2024 ليصل إلى 15.78 مليون سائح، وهو أعلى رقم في تاريخ السياحة المصرية.
هذه القفزة لم تأتِ من فراغ، بل من عمل تراكمي شمل تحديث البنية التحتية، وتوسيع الطاقة الاستيعابية، وتحسين الحملات الترويجية، وهي مؤشرات على أن الوصول إلى 30 مليون سائح لم يعد حلمًا، بل هدفًا واقعيًا على الطريق.
جناح سياحي... برسائل اقتصادية وسياسية
لم يقتصر الجناح المصري على الترويج للمقصد السياحي، بل حمل رسائل سياسية واقتصادية واضحة.
فمشاركة وزير السياحة ومحافظي جنوب سيناء والبحر الأحمر، واللقاءات المكثفة مع كبرى شركات السياحة العالمية، تؤكد أن مصر تعتبر السياحة أداة دبلوماسية واقتصادية لا تقل أهمية عن الطاقة أو الصناعة.
السياحة هنا لم تكن قطاع خدمات فقط، بل قوة ناعمة تعيد رسم صورة الدولة وتعزز مكانتها في محيطها الإقليمي والدولي.
التحدي الحقيقي.. من الترويج إلى التجربة
رغم هذا الحضور اللافت والتقدم الرقمي في الترويج، يبقى التحدي الأكبر هو التجربة على الأرض،
فما يراه السائح في الحملات يجب أن يعيشه فعليًا: خدمات سلسة، نقل محترم، عمالة مدربة، أمان، واحترام حقيقي لتوقعات الزائر.
اللغة الجديدة يجب أن تنعكس في تفاصيل الإقامة، في كل نقطة تواصل بين الدولة والسائح، من لحظة وصوله إلى لحظة مغادرته.
الخلاصة: من دبي يبدأ الطريق بثقة
من قلب دبي، وفي قلب أكبر معرض للسياحة في المنطقة، أرسلت مصر إشارات واضحة: نحن لا نروّج.. نحن نُعيد بناء صورتنا السياحية بلغة جديدة.
الطريق إلى 30 مليون سائح ليس مجرد رقم، بل مشروع وطني تتكامل فيه الرؤية مع الواقع، والدعاية مع الخدمة، والطموح مع الإرادة.