الأحد 27/أبريل/2025 - 12:26 ص 4/27/2025 12:26:46 AM
يشغل الأمن القومى المصرى اهتمامًا بالغًا لدى الرئيس عبدالفتاح السيسى باعتبار أن الحفاظ عليه يمثل حائط صد منيعًا ضد أى تهديدات أو مخاطر من شأنها أن تؤثر على المصالح الحيوية للبلاد، سواء على المستوى الداخلى أو المستوى الخارجى، غير أنه يمثل ضمانًا لتحقيق غايات التنمية الشاملة فى مجالاتها المتعددة والمختلفة، وبطبيعة الحال فإن أى خلل فى مقومات الأمن القومى يُضعف المجتمع ويُمهد للنيل منه وهدم قيمه وثوابته وقد نرى المجتمعات تصل لحافة الانهيار، وإذا كان الرئيس قد شدد مرارًا وتكرارًا على أن الأمن القومى والحفاظ عليه هو دور أصيل ومصيرى لكافة أركان وأجهزة الدولة المعنية وعلى رأسها القوات المسلحة المصرية التى تحمى حدود مصر ومصالحها الاستراتيجية وتحافظ دومًا على ترابها وأرضها دون أن تُمس، وهذا دور وجهد مشهود وله كل التقدير والاعتزاز، فإننا نشير هنا إلى دور هام آخر للجبهة الوطنية الداخلية للمشاركة الفعالة والأكيدة فى حماية استقرار مصر وثباتها على طريق التنمية، لكننا للأسف قد نجد أن بعض التصرفات والقرارات «التى لا تمثل فكر الدولة» قد تصدر عن مسئولين من هيئات أو مؤسسات أو شركات مملوكة للدولة أو التى تشارك فيها الدولة، وعلى سبيل المثال شركات قطاع الأعمال العام أو جهات أخرى تتعامل مع المواطنين، أو تقدم لهم خدمات مختلفة مثل التعليم والصحة والإسكان والمرافق والمواصلات وذلك على سبيل المثال لا الحصر، بخلاف ما يقدمه القطاع الخاص فى تلك المشروعات الخدمية، وذلك بعد أن فتحت الدولة الأبواب للمشاركة فى إطار وثيقة ملكية الدولة التى استندت إلى رؤية القيادة السياسية لتشجيع القطاع الخاص بهدف الارتقاء بمعـدلات النمـو الاقتصـادى إلـى مسـتويات تتواكب مع طموحات المصريين. مثل هذه التصرفات قد تعبث بمقتضيات الأمن القومى وقد تشعل الوطيس فى الجبهة الداخلية، ومنها على سبيل المثال الإشكالية المثارة حاليًا بخصوص إدخال مرفق الغاز فى إسكان حدائق العاصمة بمدينة بدر بأسعار توصيل للغاز تصل إلى 17 ألف جنيه، وفى حالة التقسيط تتضاعف القيمة بشكل مبالغ فيه، ومعروف أن سكان هذا الحى من الفئات التى يعمل أغلبها بالجهات الحكومية أو هم من الفئات المتوسطة والتى تهتم القيادة السياسية بتخفيف أعباء الحياة عليهم، وهذه الإشكالية الآن مثارة فى مختلف وسائل الإعلام، وقد ذكر الشاكون أن القيم المطلوبة للتعاقد تخالف الأسعار المعلن عليها مسبقًا من وزارة البترول وشركات الغاز المعنية بتوصيل الغاز إلى المنازل، ونحن نرى أن فى معظم دول العالم يتحمل المشترك قيمة الاستهلاك الفعلى فقط، وتعتبره الجهات المسئولة عن إدخال المرافق عنصرًا اقتصاديًا وتسويقيًا مهمًا من شأنه أن يحقق المليارات من الإيرادات المستمرة والتى لا تنقطع نظرًا لاستدامة الخدمة التى ستظل قائمة طوال حياة الاستخدام، وتلك الإيرادات تحقق بالفعل تفقدات نقدية هائلة تفوق بكثير تكلفة تجهيز وإعداد المرافق، وعلى الجانب الآخر نرى بعض الشركات من المملوكة للدولة أو التى تشارك فيها الدولة وتتخصص مثلًا فى مجال التشييد والتعمير تفرض فى مشروعاتها السكنية رسومًا وتعريفة للخدمة مبالغ فيها ولا تتفق مع القوانين واللوائح وقرارات مجلس الوزراء ومجلس المحافظين المنظمة لإدخال المرافق وتحديد تعريفة الاستهلاك، طبقا للشرائح المعتمدة من الحكومة، ثم بدأت شركات القطاع الخاص تسير على نفس النهج، ونجد أن هناك لوائح وقرارات داخلية لديها تتعارض مع القوانين فى نفس الوقت الذى تصدر فيه أجهزة حماية المستهلك لمرافق الكهرباء والمياه، وجهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية بيانات تحذيرية من هذه الممارسات، وتدعو لعدم الانصياع لها ومواجهتها وتقديم الشكاوى بشأنها.
إننا ندرك جيدًا أن الرئيس عبدالفتاح السيسى قد أكد مرارًا وتكرارًا ضرورة استفادة المواطن بالمرافق وبالأسعار العادلة، ونعرف أن الرئيس طالب بإدخال مرفق الغاز الطبيعى لكل المنازل والمنشآت وأنه أعطى توجيهات مباشرة وواضحة بذلك، لكننا نرى بعض المسئولين فى الإدارات التنفيذية لا يطبقون ذلك ولا يعنيهم رضاء المواطن وتخفيف الأعباء المعيشية عن الناس، ثم يواجهون الشكاوى بالإجابات الجامدة والإجراءات المتوقفة التى لا تعكس نبض أو دفق أو حياة ولا تحل الأزمات، وهذا بالطبع يخلق حالة من عدم الرضاء بين المواطنين من تصرفات هذه القيادات، وتبقى القيادة السياسية وحدها هى من تتحمل أعباء إخفاقات الهواة من بعض المسئولين، فى نفس الوقت الذى نشير فيه إلى أن هؤلاء المواطنين هم من تحملوا بصدر رحب أعباء الإصلاح الاقتصادى، رغم أنه فاق كل حدود الاحتمال، لكنهم شعروا بصدق الرئيس وشاهدوا عمله الدءوب والمضنى من أجل تحسين أحوالهم، وتحقق لهم على أرض الواقع الكثير من الإنجازات التى جعلتهم يقبلون المشاركة فى تحديات الإصلاح ويؤمنون بها إيمانًا راسخًا، ولكن السؤال الذى يفرض نفسه هنا.. لماذا يقبل الناس قرارات الرئيس ويسيرون خلفه عن قناعة.. ولا يقبلون قرارات بعض المسئولين وتصرفاتهم، سواء فى القطاع الحكومى أو شبه الحكومى أو الخاص والذى يقدم لهم خدمات مهمة ومصيرية لازمة لحياتهم واستقرار معيشتهم؟.
الإجابة واضحة.. أن الرئيس يدرك مقتضيات الأمن القومى جيدًا.. لذلك فهو يصارح ويشرح ويفسر فى كل مناسبة، وحين يتخذ القرار فإنه يتخذه وهو على ثقة بأن كل الأمور طرحت على الرأى العام، والمواطنون هم من يشكلون الجمعية العمومية للوطن، وأن الرئيس دعا كثيرًا لأى مقترحات من شأنها أن توفر حلولًا أخرى أكثر تيسيرًا على الناس.. أما المسئولون الأقل، فهم ينفذون دون التفكير فى أن بعض قراراتهم قد تشعل غضبًا كبيرًا.. وقد تعصف باستقرار الجبهة الداخلية فى الوقت الذى نحتاج فيه للاصطفاف خلف قيادتنا السياسية من أجل العبور من نفق التعثرات الاقتصادية إلى براح الرخاء والاستقرار.
إن كل مسئول وقيادة تتعامل مع الجماهير يجب أن تدرك جيدًا تأثير قراراتها على الأمن القومى الداخلى، وإذا كانت تلك القرارات تؤثر بالسلب فلابد لها من محاسبة أو مساءلة.
إن الرئيس عبدالفتاح السيسى يصنع الآن تجربة مصرية فريدة لصون الأمن القومى وتحقيق التنمية المستدامة، ويقوم باتخاذ إجراءات تحويلية لمعالجة القضايا المعقدة والمترابطة والتى تشمل مجموعة واسعة من الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، وتغطى مجالات مثل الفقر والجوع والتعليم والصحة والمساواة والطاقة النظيفة والعمل المناخى والمدن المستدامة، وأنه يجب للتصدى لهذه التحديات بشكل كلى، أن يكون المسئولون التنفيذيون على قدر من المسئولية الحقيقية، وعليهم إدراك معنى المسئولية التكاملية للأمن القومى، وعليهم ابتكار حلول إبداعية جديدة للتخفيف عن المواطنين دون الإخلال بمخططات أهدافهم الإنتاجية المقبولة والعادلة والتى يجب أن تراعى الظروف الاقتصادية والاجتماعية الطارئة.. ومن لا يستطيع عليه أن يترك مكانه لمن يمكنه الحفاظ على الوطن وإرضاء المواطن.. تحيا مصر.