أ أ
يعتبر القمح محصولًا استراتيجيًا وحجر الزاوية في الأمن الغذائي العالمي، حيث يُزرع على نطاق أوسع من أي محصول غذائي آخر, وينجح القمح في التكيف مع ظروف مناخية متنوعة، سواء كـ "قمح شتوي" أو "قمح ربيعي"، وتلعب زراعته التجارية دورًا محوريًا في اقتصادات العديد من الدول.
القمح.. مصدر البروتين وفوائد صحية جمة:
يُعد القمح المصدر الرئيسي للبروتين النباتي في غذاء الإنسان اليومي، متفوقًا في نسبة البروتين على حبوب رئيسية أخرى كالذرة والأرز, ولا تقتصر أهمية القمح على قيمته الغذائية الأساسية، بل يمتلك العديد من الفوائد الصحية عند تناوله كحبوب كاملة، فهو مصدر غني بالعناصر الغذائية والألياف الغذائية التي تساهم في:إنقاص الوزن والسيطرة على السمنة.
الوقاية من مرض السكري من النوع الثاني.
الحماية من مشاكل الإمساك.
تعزيز صحة القلب والوقاية من أمراضه.
تحسين عملية التمثيل الغذائي وتقليل الالتهابات المزمنة.
الوقاية من حصوات المرارة.
دعم نمط حياة صحي.
الحماية المحتملة من سرطان الثدي والربو لدى الأطفال.
ويحتوي القمح على مجموعة واسعة من القيم الغذائية الهامة مثل المنغنيز، والسيلينيوم، والمغنيسيوم، والحديد، والزنك، والفوسفور، والنحاس، والبوتاسيوم.
ظروف مناخية مثالية لنمو وإنتاجية عالية:
ينجح القمح في مدى واسع من الظروف المناخية، إلا أن الطقس البارد والجاف والصافي يوفر البيئة المثالية لنموه وتعزيز إنتاجيته, ويُفضل أن يتراوح متوسط هطول الأمطار السنوي بين 800 و 1600 ملم، وأن تتراوح درجات الحرارة المثالية للنمو بين 7 و 22 درجة مئوية, ويحذر الخبراء من تأثيرات الطقس المنخفض الحرارة والصقيع، وكذلك الظروف المناخية الحارة والرطبة، التي يمكن أن تضر بالمحصول وتقلل من إنتاجيته بشكل كبير، حيث تشجع الرطوبة والحرارة على انتشار الأمراض الفطرية مثل الصدأ وتعفن الجذور. تربة خصبة وجيدة الصرف أساس لزراعة ناجحة:
يمكن زراعة القمح في أنواع مختلفة من التربة، ولكن التربة الطينية الخصبة جيدة الصرف وذات القدرة المعتدلة على الاحتفاظ بالمياه تعتبر مثالية للزراعة المروية, أما في الزراعة البعلية (غير المروية)، فتفضل التربة الثقيلة ذات البنية المفتوحة القادرة على الاحتفاظ بمياه الأمطار الموسمية لفترة أطول, وتعتبر التربة السوداء أيضًا مناسبة جدًا لزراعة القمح, وينصح الخبراء المزارعين التجاريين بإجراء اختبار للتربة لتحديد مدى ملاءمتها لزراعة القمح. إكثار بالبذور ومعاملة وقائية لضمان إنبات صحي:
يتم إكثار القمح عن طريق البذور، ويختلف معدل البذار بناءً على الصنف وطريقة الزراعة (بعلية أو مروية) وتقنية البذر المستخدمة, وعادة ما يتراوح معدل البذور بين 50 و 130 كجم للهكتار الواحد، مع إمكانية زيادة المعدل في حالة الزراعة المتأخرة لتعويض أي انخفاض محتمل في الإنتاجية, وللوقاية من الأمراض المنقولة عن طريق البذور والتربة، يوصى بمعاملة البذور بمبيدات فطرية مناسبة قبل الزراعة بيوم واحد.
تحضير جيد للأرض لإنبات موحد ونمو قوي:
يعتمد إعداد الأرض لزراعة القمح على نظام الزراعة المتبع (مروي أو بعلي)، ولكن بشكل عام، يتطلب القمح تربة مفككة جيدًا لضمان إنبات موحد للبذور وتجنب وجود كتل كبيرة في الحقل. ولتعزيز خصوبة التربة، ينصح بإضافة السماد العضوي المتحلل جيدًا أثناء عملية إعداد الأرضإعداد الأرض للزراعة البعلية: يتضمن عدة عمليات حرث خلال موسم الأمطار لإزالة الأعشاب والحفاظ على الرطوبة، يليها حرث عميق بواسطة الجرار وحرثة سطحية واحدة في نهاية الموسم المطير مع دك التربة قبل الزراعة.
إعداد الأرض للزراعة المروية: يشمل حرث الأرض بعد حصاد المحصول السابق، وتسوية التربة، وإزالة الأعشاب، وإجراء ري تحضيري قبل الزراعة بعدة أيام لضمان إنبات جيد للبذور, كما يتضمن إنشاء قنوات الري المناسبة بين صفوف الزراعة.
مراحل نمو القمح.. من الإنبات إلى النضج:
يمر نبات القمح بعدة مراحل نمو رئيسية تبدأ بمرحلة ما قبل التأسيس (إنبات البذور والظهور فوق سطح التربة)، تليها المراحل الخضرية التي تشمل تكوين الشتلات، وتطور الجذور التاجية، والتفريع، والاستطالة, ثم تأتي المراحل التناسلية التي تشمل التمهيد، والإزهار، والتلقيح وأخيرًا، مراحل ما بعد التلقيح التي تشمل تكوين الحبوب (مرورًا بمراحل الحليب والعجين الطري والعجين الصلب) وصولًا إلى مرحلة النضج واكتمال تكوين الحبوب وصلابتها. زراعة منظمة وري في الوقت المناسب لإنتاجية مثالية:
تعتبر طريقة الزراعة والمسافة بين النباتات من العوامل الهامة في إنتاج القمح التجاري, ويمكن زراعة القمح باستخدام طريقة الحفر أو البث، مع تفضيل طريقة الحفر لضمان توزيع منتظم للبذور, وتتراوح المسافة المثالية بين الصفوف عادة بين 15 و 22.5 سم حسب الصنف وظروف الزراعة, أما بالنسبة لعمق البذر، فيتراوح بين 5-6 سم للأصناف القزمة و 8-9 سم للأصناف الطويلة، مع تجنب البذر العميق في التربة الرطبة.ويؤكد الخبراء على أهمية الري في الوقت المناسب وتجنب إجهاد النبات بالماء، خاصة في المراحل الحرجة من النمو.
الزراعة البعلية: تعتمد على الرطوبة المتبقية في التربة والأمطار والندى، ولكن قد تحتاج إلى 1 أو 2 ري في حالة الجفاف، خاصة في مرحلة بدء تكوين الجذور ومرحلة الإزهار.
الزراعة المروية: تتطلب عادة 5 إلى 6 ريات على فترات منتظمة، مع أهمية خاصة للري الأول في مرحلة بدء تكوين الجذور (بعد 20-25 يومًا من الزراعة)، بالإضافة إلى الري في مراحل التفريع المتأخر، والاستطالة، والإزهار، وتكوين الحبوب.
حصاد في الوقت المناسب وتقنيات ما بعد الحصاد:
يحين موعد حصاد القمح عندما تصبح الحبوب صلبة ويجف القش, ويختلف وقت الحصاد حسب الصنف ونظام الزراعة, ويمكن الحصاد يدويًا بالمنجل أو باستخدام آلات الحصاد, وبعد الحصاد، يجفف القمح ثم يدرس لفصل الحبوب، تليها عمليات التنظيف والتصنيف والنقل إلى الأسواق أو المطاحن. إنتاجية متنوعة تعتمد على عوامل عديدة:
تتأثر إنتاجية القمح بعوامل متعددة تشمل الصنف، ونظام الزراعة، والمناخ، ونوع التربة، والممارسات الزراعية المتبعة.الأصناف المحلية: تتراوح الإنتاجية في الزراعة البعلية بين 3 إلى 5 قناطير للهكتار، بينما تصل في الزراعة المروية إلى 10 إلى 12 قنطار للهكتار.
الأصناف الهجينة/المحسنة: تحقق إنتاجية أعلى تتراوح بين 15 إلى 25 قنطار للهكتار في الزراعة البعلية، وبين 30 إلى 40 قنطار للهكتار في الزراعة المروية.
وبذلك، يظل القمح محصولًا حيويًا للأمن الغذائي العالمي، وتساهم المعرفة الدقيقة بمتطلبات زراعته وظروفه المثالية في تحقيق إنتاجية عالية تلبي الاحتياجات المتزايدة.