في تصعيد خطير يعكس هشاشة اتفاق وقف إطلاق النار في جنوب لبنان، قُتل مساء الأحد، شخصان في غارة جوية إسرائيلية على بلدة عيناتا بمحافظة النبطية، لترتفع حصيلة القتلى خلال 24 ساعة إلى 5 قتلى، في أحدث سلسلة من الخروقات الإسرائيلية المتكررة.
وبحسب مراقبين، تنذر التطورات الأخيرة في الجنوب اللبناني بأن اتفاق وقف إطلاق النار أصبح مهددًا بشكل جدي، مع استمرار إسرائيل في سياستها العسكرية والتوغل داخل الأراضي اللبنانية. وفي ظل عدم اكتمال الانسحاب الإسرائيلي وغياب ردع دولي، فإن خطر العودة إلى الحرب الشاملة بات أقرب من أي وقت مضى.
خروقات إسرائيلية متواصلة
إلى ذلك أكدت وزارة الصحة اللبنانية، في بيان رسمي مساء الأحد، أن "غارة العدو الإسرائيلي" على عيناتا أدت إلى سقوط شهيدين، في وقت لا تزال فيه العمليات العسكرية الإسرائيلية تتواصل منذ أسابيع، رغم الاتفاق الموقع في 27 نوفمبر 2024، والذي أنهى المواجهة الأخيرة بين "حزب الله" وإسرائيل.
وفي هذا السياق، نقلت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية عن مصادر ميدانية أن 3 أشخاص آخرين قتلوا وأصيب عدد من الجرحى في غارات مماثلة استهدفت بلدات جنوبية مختلفة خلال اليومين الماضيين.
تل أبيب تتذرع بتهديدات "حزب الله"
من جانبها، قالت قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي إنها استهدفت "مركز قيادة وسيطرة" لحزب الله، وزعمت أن الغارات أسفرت عن تصفية اثنين من عناصر الحزب كانا يخططان لـ "هجمات إرهابية" في بلدتي ياطِر وميس الجبل.
خروقات إسرائيلية تهدد الاتفاق الهش
ورغم أن اتفاق وقف النار نصّ بوضوح على انسحاب إسرائيل الكامل من جنوب لبنان خلال مهلة 60 يومًا، إلا أن الاحتلال ما يزال يسيطر على 5 نقاط رئيسية، متذرعًا بما يصفه بـ "عجز الجيش اللبناني عن ضبط الحدود".وفي هذا السياق، سجلت السلطات اللبنانية أكثر من 1000 انتهاك إسرائيلي منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ.
مصطفى علوش: "إسرائيل تضرب عرض الحائط بالاتفاق"
من جانبه أدان النائب اللبناني السابق مصطفى علوش، استمرار إسرائيل في انتهاك سيادة لبنان، معتبرًا أن "الاحتلال الإسرائيلي يضرب عرض الحائط بكل ما تم الاتفاق عليه في مفاوضات وقف إطلاق النار"، محذرًا من أن استمرار هذه الخروقات "يدفع الأوضاع نحو التصعيد العسكري مجددًا".
وأضاف علوش في تصريحات للدستور:"الوضع في الجنوب اللبناني ينذر بخطر كبير، إذا استمرت إسرائيل في سياستها العدوانية، فلن يكون أمام اللبنانيين سوى الدفاع عن أنفسهم، وهذا ما يفتح الباب أمام عودة الحرب بشكل واسع".
مؤشرات ميدانية على الانزلاق إلى المواجهة
ولعل أخطر الخروقات التي رُصدت خلال اليومين الماضيين، توغل قوة إسرائيلية إلى بلدة العديسة صباح السبت، حيث بقيت عدة ساعات قبل أن تنسحب. وأفادت بلدية حولا أن القوات الإسرائيلية حفرت خندقًا من الطريق الرئيسي للبلدة باتجاه موقع العبّاد، في خطوة وُصفت بأنها "احتلال صريح" لأراضٍ جديدة خارج النقاط الخمس المتفق عليها.
هل تعود الحرب إلى لبنان؟
ورغم المساعي الدولية لتثبيت وقف إطلاق النار، فإن التحركات الإسرائيلية الأخيرة تشير إلى تصعيد متعمد قد يدفع الأوضاع نحو اندلاع مواجهة جديدة، خاصة في ظل عجز المجتمع الدولي عن إلزام إسرائيل بتنفيذ الاتفاق.
وتأتي هذه التطورات في وقت لا تزال تداعيات الحرب الأخيرة تلقي بظلالها الثقيلة على لبنان، بعدما أودت بحياة أكثر من 4 آلاف شخص وأجبرت نحو 1.4 مليون شخص على النزوح.
وفي سياق موازٍ، جاءت تصريحات الزعيم الدرزي وليد جنبلاط لتؤكد على ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للجنوب، مطالبًا بـ"إعادة إعمار المناطق المتضررة والتمسك بالهوية العربية للبنان"، وهو ما يعكس إجماعًا وطنيًا على رفض استمرار الانتهاكات.