الأزمة الحقيقية أن كثيرًا منّا يعمل مليون حساب للسوشيال ميديا والحراك الجماعى تجاه قضية ما أو شخصية معينة، ويخشى أن يقال إن لديه رأيًا مخالفًا؛ حتى لا يتم توجيه اتهامات بالمجاملة وخلافه، أو خشية أن يتعرض لهجوم وانتقاد من «التيار» اللى قرر يتحرك مع الترند.
هذه أزمة حقيقية نعانى منها فى كل المجالات.. فى السياسة يخشى البعض من تأييد موقف ما حتى لا يتهم بالتطبيل، ويخاف من معارضة موقف أو فصيل فى قضية حتى لا يتعرض لهجوم من قطعان ولجان، لذا يفضل البعض السكوت عملًا بالمقولة المفضلة «وأنا مالى».
من ضمن الأشياء التى يخشى البعض الحديث عنها هو مسلسل «أثينا»، الذى تقدمه النجمة ريهام حجاج، والذى أعتبره مسلسلًا جديرًا بالمشاهدة ومعمولًا بشكل محترم.. قصة جديدة قدمها السيناريست محمد ناير، الذى يسير فى طريق صحيح وقدم فى السابق أعمالًا جيدة، لكنه هذا العام يقدم عملًا مميزًا للغاية، فى المسلسل تشويق وصورة حلوة وإخراج يجعلك تتابع الحلقات بلا ملل.
مسلسل أثينا دراما نفسية يتناول تطور التكنولوجيا وتأثير هذا التطور على المجتمع بشكل عام وتأثيره على الشباب، وكيف يمكن أن نتعرض للتلاعب والخداع، سواء من خلال البشر أو من خلال التكنولوجيا وأدواتها التى تتطور بشكل مدهش، يجعلنا نشعر بالرعب من الأذى الذى قد نتعرض له من وراء هذا التطور فى أحداث المسلسل، نشاهد كيف يمكن للأجهزة الذكية أن تتحول إلى أدوات تجسس خطيرة دون أن نعلم نحن- مستخدميها- حيث تتمكن إحدى الشخصيات من اختراق كاميرات منزلية ذكية وتستخدمها للتجسس على حياة أشخاص آخرين، ما يؤدى إلى كشف أسرار خطيرة، ليس هذا فقط، فالمسلسل يناقش كيف يمكن للقراصنة الإلكترونيين استغلال أجهزة مثل السماعات الذكية، وأجراس الأبواب المتصلة بالإنترنت، حتى روبوتات التنظيف لجمع المعلومات الشخصية.
ريهام حجاج بطلة المسلسل تقدم شخصية مراسلة صحفية، وهو واحد من أهم أدوارها إن لم يكن الأهم، فيه موضوع شيق ومتماسك جعلنا نشاهدها كممثلة تقدم دورًا جيدًا وليست كنجمة طالعة تفرض سيطرتها على المسلسل.
المخرج يحيى إسماعيل تعامل مع النص الذى كتبه محمد ناير بقدر من الاحتراف، وهو ما زاد من غموض الأحداث وتشويقها، خاصة التى يتحدث فيها عن الدارك ويب وخفاياه.
باختصار مسلسل أثينا ملىء بالتفاصيل والتشويق، لكنه فى نفس الوقت يصيب من يشاهده بالقلق على مستقبل أولاده، فى ظل عالم لا يرحم وتكنولوجيا يفترض أن توفر لك حياة مريحة، فإذا بها تسلم كل خصوصياتك لمن يدفع الثمن.