أخبار عاجلة

الشيخ المراغى - نجوم مصر

الشيخ المراغى - نجوم مصر
الشيخ
      المراغى - نجوم مصر

هناك أسماء مضيئة فى مسيرة الإصلاح والتجديد فى الأزهر والفكر الدينى بصفة عامة، بالقطع يأتى فى مقدمتها الإمام محمد عبده، لكن ينسى البعض متابعة دور تلاميذ الإمام فى هذا المجال، وهنا نتذكر الشيخ محمد مصطفى المراغى، ودوره المهم فى هذا الشأن.

وُلد المراغى فى عام ١٨٨١ فى قرية المراغة فى صعيد مصر، وإليها يُنسَب، تدرج المراغى فى سلم التعليم الأزهرى، حتى نال شهادة العالمية، أعلى شهادة فى الأزهر، وكان المراغى تلميذًا للإمام محمد عبده فى أواخر أيامه.

بدأ المراغى مهام عمله بتولى عدة وظائف دينية وقضائية فى السودان، عندما كانت مصر والسودان بمثابة وحدة وادى النيل. وعاد المراغى للعمل فى مصر مع اندلاع ثورة ١٩١٩. كان الشيخ المراغى أكثر ميلًا إلى حزب الأحرار الدستوريين، مثله مثل الشيخ مصطفى عبدالرازق وأخيه الشيخ على عبدالرازق. وفى تلك الفترة أُثيرت مسألة إعادة إحياء الخلافة من جديد، سواء لصالح الشريف حسين أو حتى الملك فؤاد، لكن الشيخ المراغى كان متحفظًا فى هذا الشأن؛ إذ لم يكن من «فقهاء السلطان»، وربما أدى ذلك إلى التباعد بينه وبين الملك فؤاد فى بداية الأمر، حتى إنه يقال إن الملك فؤاد رفض فى مطلع عام ١٩٢٨ أن يتولى المراغى مشيخة الأزهر، لكن الملك فؤاد، وتحت إصرار محمد محمود باشا، رئيس الوزراء، وافق على تولى المراغى مشيخة الأزهر فى العام نفسه، وكان المراغى من أصغر من تولوا هذا المنصب سنًا؛ إذ كان عمره آنذاك ٤٧ عامًا. وهنا لا بُد من الإشارة إلى من كانوا أصدقاء المشايخ آنذاك؛ إذ لم يكتف المراغى بتتلمذه على يد الإمام محمد عبده، أو صداقته للأخوين الشيخين مصطفى وعلى عبدالرازق، لكن كان المراغى صديقًا أيضًا لأحمد لطفى السيد، «أستاذ الجيل» وأبو الليبرالية المصرية والعربية، وكذلك صديق للسياسى الكبير محمد محمود باشا.

ومع تولى المراغى مشيخة الأزهر لأول مرة بدأ جهوده فى تجديد الأزهر، حيث شكّل لجنة «إصلاح الأزهر» والتف حوله شباب علماء الأزهر من تيار الإصلاح، ومنهم الشيخ شلتوت والشيخ دراز والشيخ عبدالجليل عيسى والشيخ الباقورى وغيرهم، وبدأ المراغى بإلغاء مدرسة القضاء الشرعى، وسرعة إدخال العلوم الحديثة العصرية إلى مناهج الأزهر، لكن الملك فؤاد الذى لم تعجبه استقلالية الشيخ المراغى، أعاق المشروع الإصلاحى له؛ إذ كان الملك فؤاد يميل أكثر إلى تولية الشيخ الظواهرى، الذى لا يخفى ولاءه للقصر، وأمام العراقيل التى نصبها القصر أمام المشروع الإصلاحى للمراغى، قام الأخير بتقديم استقالته احتجاجًا على التباطؤ فى إصدار القوانين اللازمة لإصلاح الأزهر.

وفى عام ١٩٣٥، وفى ذروة الانتفاضة الوطنية من أجل عودة دستور ١٩٢٣، ثار شباب الأزهر أيضًا من أجل إصلاح الأزهر، وخرجت المظاهرات تطالب بعودة الشيخ المراغى صاحب مشروع إصلاح وتجديد الأزهر. وبالفعل عاد المراغى من جديد شيخًا للأزهر ليستمر فى منصبه منذ عام ١٩٣٥ حتى ١٩٤٥، ولتعود مسيرة الإصلاح من جديد.

وهنا طرح الشيخ المراغى من جديد مسألة فتح باب الاجتهاد، حتى يتناسب الفقه مع مستجدات العصر، كما أنشأ مركزًا للبحوث والثقافة الإسلامية تصدر عنه منشورات وترجمات فى هذا الشأن، كما عاد من جديد لدراسة القوانين المنظمة للأزهر، عاملًا على تعديلها بما يتناسب مع مشروعه الإصلاحى، وكانت ذروة هذا المشروع التقريب بين الفرق والمذاهب الإسلامية، فى محاولة للتوفيق بين المجتمعات الإسلامية. وبدأ الشيخ المراغى اتصالاته مع الزعيم الدينى الشيعى المشهور أغاخان فى هذا الشأن.

وعندما وقعت الحرب العالمية الثانية، رفض الشيخ المراغى توريط مصر فى هذه الحرب، وقال جملته الشهيرة: «هذه حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل»، وبالقطع أغضب ذلك البعض آنذاك. وتوفى الشيخ المراغى فى ٢٢ أغسطس ١٩٤٥، ليفقد الأزهر، بل وتفقد مصر كلها أحد رواد مسيرة التجديد والإصلاح.

رحم الله الشيخ محمد مصطفى المراغى.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق “الرقابة المالية” تطلق بوابة تشريعات القطاع المالي غير المصرفي على موقعها الإلكتروني - نجوم مصر
التالى جي بي مورجان يرفع احتمالية ركود الاقتصاد الأمريكي إلى 40% - نجوم مصر