"الهند تُجَوّعنا".. مزارعون في باكستان ينددون بتعليق معاهدة المياه الحيوية - نجوم مصر

في يوليو 2023، كان علي حيدر دوغار واحدًا من عشرات الآلاف من المزارعين في وسط شرق باكستان الذين غُمرت محاصيلهم عندما أطلقت الهند مياه نهر سُتليج نحو باكستان في محاولة للتخفيف من الفيضانات المفاجئة في شمالها.

قال دوغار، الذي تكبّدت عائلته خسائر تُقدّر بعشرات الآلاف من الجنيهات في عام 2023، إن كل مزارع في قريته الواقعة في البنجاب يشعر بالخوف من الأشهر المقبلة، بعد أن علقت الهند معاهدة مياه نهر السند عقب هجوم دموي على سياح في كشمير الخاضعة لإدارة الهند، والذي حمّلت الهند مسؤوليته لباكستان.

تنفي إسلام أباد أي تورط في الهجوم الذي قُتل فيه 26 شخصًا، بالإضافة إلى تعليق المعاهدة، أوقفت دلهي التجارة مع باكستان، واستدعت وطردت دبلوماسييها، وعلقت منح التأشيرات للباكستانيين.

 وردت باكستان بتعليق كل أنواع التجارة مع الهند وإغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات الهندية.

توزيع واستخدام مياه نهر السند 

تنظم معاهدة السند توزيع واستخدام مياه نهر السند وروافده، التي تغذي 80% من الزراعة المروية والطاقة الكهرومائية في باكستان. 

وقال دوغار إن تعليق المعاهدة "أثار الرعب في قلوبنا".

وأضاف: "نخشى أن تتسبب الهند بفيضانات مفاجئة أو توقف المياه المتجهة لمحاصيلنا. الهند يمكن أن تُجَوّعنا، لأنها لم تعد مُلزَمة بمشاركة أي بيانات معنا حول الفيضانات أو مشاريع السدود"، ولطالما اتهمت الهند باكستان بدعم التمرد الانفصالي العنيف في كشمير الخاضعة لإدارة الهند. وأدانت إسلام أباد الهجوم الأخير ووصفت الاتهامات الموجهة إليها بأنها "لا أساس لها".

ووصفت السلطات في إسلام أباد تعليق المعاهدة بأنه "عمل حربي".

رفعت مجموعة من النساء لافتة تقول: “البنك الدولي هو الضامن لمعاهدة مياه نهر السند. يجب على البنك أن يفي بمسؤوليته”.

عندما نشأت الدولتان نتيجة لتقسيم عام 1947، كانت منابع أنهار حوض نهر السند كلها داخل الهند.

وبعد سنوات من المفاوضات، تم التوصل إلى المعاهدة بوساطة البنك الدولي في عام 1960، ومنحت الهند السيطرة على الروافد الشرقية، بينما مُنحت باكستان السيطرة على الروافد الغربية، وقد صمدت المعاهدة رغم ثلاث حروب بين الخصمين النوويين وتُعد واحدة من أنجح اتفاقيات تقاسم المياه في العالم.

لدى باكستان اقتصاد زراعي وسلة غذاء تعتمد على المعاهدة. وقال خالد كوخر، رئيس اتحاد المزارعين: "الماء هو حياتنا. لا يمكننا المساومة عليه. إذا فعلوا ذلك، فهذا يعني الحرب. أجدادي كانوا مزارعين أيضًا. 

في أوقات الأزمات، يبيع المزارعون مجوهرات الأسرة، ويقترضون الأموال، ويفعلون أي شيء ممكن من أجل الزراعة. مستوى المياه منخفض بالفعل بسبب قلة الأمطار، ونحن قلقون جدًا. لا يجب أن تكون هناك سياسة في موضوع المياه. إنها شريان حياتنا".

يقول مسؤولون حكوميون وخبراء من كلا الجانبين، إن الهند لا يمكنها إيقاف تدفق المياه فورًا، لأن المعاهدة لم تسمح لها إلا ببناء محطات للطاقة الكهرومائية بدون تخزين كبير أو سدود على الأنهار الثلاثة المخصصة لباكستان.

قال هيمانشو ثكار، منسق شبكة جنوب آسيا للسدود والأنهار والشعوب ومقرها الهند، لوكالة الأنباء الفرنسية في عطلة نهاية الأسبوع: "على المدى القصير، قد لا تكون هناك آثار عملية مباشرة، أي بنية تحتية آمنة لتحويل المياه، بخلاف ما يحدث الآن، تحتاج إلى سنوات، وغالبًا أكثر من عقد".

السدود الحالية في الهند لا تمتلك القدرة على حجب أو تحويل المياه. 

لا يمكن وقف تدفق الأنهار فورا

وقال الخبير الباكستاني في شؤون المياه نصير ميمون: "الهند لا يمكنها وقف تدفق هذه الأنهار فورًا، فذلك غير ممكن من الناحية التقنية وغير مجدٍ اقتصاديًا".. لكنه حذر من عواقب "كارثية" إذا بدأت دلهي بتجاهل التزاماتها بإبلاغ السلطات في باكستان عن المشاريع المائية المستقبلية. "هذا سيكون كارثة إنسانية. ملايين الأرواح ستكون في خطر".

وأشارت رسالة التعليق الهندية الموجهة إلى باكستان إلى "تغيرات جوهرية في الظروف" منذ توقيع الاتفاق، بما في ذلك "التحولات السكانية" و"الحاجة إلى تسريع تطوير الطاقة النظيفة".

ويُستنزف هذا المورد الثمين بفعل تزايد السكان، وتوسع المتطلبات الزراعية، ومشاريع الطاقة الكهرومائية المدفوعة بارتفاع الحاجة إلى الطاقة.

وقال مسؤول أمني باكستاني رفيع المستوى – طلب عدم الكشف عن هويته – إن الهند كانت تُخطط منذ فترة طويلة للانسحاب من المعاهدة وتستخدم هجوم كشمير كذريعة. وأضاف: "لا يمكننا الجلوس مكتوفي الأيدي ونسمح للهند بالقيام بذلك. يجب على المجتمع الدولي أن يؤدي دوره".