كشف المهندس محمد شيمى، وزير قطاع الأعمال العام، عن تبنى الوزارة خطة طموحة لتعظيم الاستفادة من محفظة الأراضى المملوكة للشركات التابعة لها، باعتبارها أحد الأصول الحيوية القادرة على دعم خطط التنمية الاقتصادية وتعزيز موارد الدولة.
وأوضح «شيمى» أن هذه الخطة تنطلق من قناعة راسخة بضرورة التوظيف الأمثل لهذه الأراضى، سواء عبر تطويرها بشكل مباشر أو من خلال الدخول فى شراكات استراتيجية مع القطاع الخاص، بما يسهم فى خلق قيمة مضافة حقيقية للاقتصاد الوطنى.
وأشار الوزير إلى أن الخطوة الأولى ضمن هذه الخطة تتركز على تنفيذ حصر شامل لكل الأصول غير المستغلة، سواء كانت أراضى صناعية أو تجارية أو سكنية، مع إعداد قاعدة بيانات دقيقة ومحدثة عنها.
وأضاف أنه تم بالفعل الانتهاء من حصر جزء كبير من الأراضى التابعة للشركات القابضة المختلفة، مع تحديد طبيعة كل قطعة أرض، ووضعها القانونى، وأفضل استخدام لها وفقًا لموقعها الجغرافى ومخططات الدولة العمرانية.
ولفت إلى أنه بالتوازى، تعمل الوزارة على تغيير أنشطة بعض قطع الأراضى بما يتماشى مع الاحتياجات التنموية الحديثة، من خلال التنسيق مع جهات التخطيط العمرانى، مثل تحويل بعض الأراضى الصناعية القديمة إلى مشروعات عقارية أو تجارية أو سياحية، خاصة فى المناطق التى لم تعد تناسب النشاط الصناعى التقليدى، ما يسمح بتحقيق أقصى استفادة اقتصادية ممكنة من هذه الأصول، وزيادة عائداتها لصالح الشركات التابعة.
فى سياق متصل، تضع الوزارة أولوية كبيرة لتوسيع الشراكة مع القطاع الخاص فى عمليات تطوير الأراضى، وتشمل هذه الشراكات صيغًا متنوعة مثل المشاركة فى الأرباح، أو حق الانتفاع، أو التطوير المشترك، بما يضمن تعظيم العوائد وتقليل المخاطر المالية على الدولة.
وأبدت عدة شركات تطوير عقارى محلية وإقليمية اهتمامًا كبيرًا بالمشاركة فى هذه المشروعات، نظرًا لما تتيحه من فرص استثمارية واعدة فى مواقع متميزة داخل القاهرة الكبرى وعدد من المحافظات الأخرى.
وأوضح الوزير أن الوزارة تسعى إلى تنفيذ هذه المشروعات ضمن رؤية متكاملة تأخذ بعين الاعتبار احتياجات السوق، بما فى ذلك التوسع فى بناء مشروعات الإسكان المتوسط والفاخر، ومراكز الأعمال، والمناطق اللوجستية والتجارية، بما يتسق مع توجهات الدولة لخلق مجتمعات عمرانية متكاملة وتنشيط حركة الاستثمارين المحلى والأجنبى.
وبين أنه لتعزيز جذب المستثمرين، تعمل الوزارة على تبسيط الإجراءات وتوفير أطر قانونية مرنة وواضحة تحكم عمليات الشراكة، مع الالتزام بالشفافية الكاملة فى الطروحات والتعاقدات، كما يجرى إعداد دراسات جدوى تفصيلية لكل مشروع على حدة، لضمان تحقيق أفضل العوائد، وضمان الاستدامة المالية للمشروعات الجديدة.
وأشار إلى أن الوزارة وضعت ضمن خطتها أيضًا برنامجًا لتسوية المنازعات المتعلقة ببعض الأصول المتنازع عليها، سواء مع جهات حكومية أخرى أو مع مستثمرين، بهدف إزالة أى معوقات قانونية قد تحول دون الاستغلال الأمثل لهذه الأراضى، وتم بالفعل إنهاء عدد من النزاعات، ما أتاح تحرير أصول ذات قيمة عالية للاستثمار.
ونوه بأن أثر هذه الخطة يمتد إلى دعم جهود الوزارة فى إعادة هيكلة الشركات التابعة وتحسين أوضاعها المالية، حيث سيتم استخدام جزء من عوائد تطوير الأراضى فى سداد المديونيات التاريخية للشركات، وتمويل عمليات التطوير والتحديث للمصانع، بما يحقق استدامة النشاط الصناعى، ويعزز من قدراتها التنافسية محليًا وعالميًا.
وأشار إلى أن خطة الوزارة لتعظيم الاستفادة من محفظة الأراضى تعد أحد أهم المحاور الاستراتيجية التى تنسجم مع مستهدفات الدولة نحو تحقيق التنمية المستدامة وجذب الاستثمارات، وتعظيم دور القطاع الخاص كشريك أساسى فى تنفيذ المشروعات التنموية الكبرى، متوقعًا أن تسهم هذه الخطة خلال السنوات المقبلة، فى تحقيق نقلة نوعية فى أداء شركات قطاع الأعمال، وزيادة مساهمتها فى الناتج المحلى الإجمالى.
وكشف عن أنه من بين أبرز المشروعات التى بدأ تنفيذها ضمن خطة الوزارة للاستفادة من محفظة الأراضى، مشروع تطوير أرض مجمع الحديد والصلب بحلوان، الذى يمثل واحدًا من أكبر قطع الأراضى الصناعية المتوقفة عن الإنتاج، حيث تم طرح هذا المشروع على مطورين من القطاع الخاص، وتم استهداف تحويله إلى مجتمع عمرانى متكامل يضم مناطق سكنية وتجارية وإدارية وخدمية، بما يتماشى مع خطط الدولة لإعادة استغلال الأراضى الصناعية غير المستغلة.
وأشار إلى أنه يجرى العمل على مشروع تطوير أراضى شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير، خاصة فى منطقتى هليوبارك وهليوبوليس الجديدة، حيث تم توقيع شراكات مع كبرى شركات التطوير العقارى لتنفيذ مشروعات سكنية وإدارية فاخرة، تعزز من العائد الاستثمارى على هذه الأراضى الحيوية وتعد هذه المشروعات نموذجًا عمليًا للتوجه الجديد القائم على الاستفادة المشتركة بين القطاعين العام والخاص.
وذكر أنه فى الإسكندرية، تسعى الوزارة إلى تطوير أراضى شركة «النصر للتعدين» فى منطقة مرغم، حيث يتم إعداد مخطط عام لتحويلها إلى منطقة صناعية حديثة متخصصة فى الصناعات التكنولوجية والبيئية، بالتعاون مع مستثمرين من القطاع الخاص وخبراء تخطيط عمرانى، وهذه المبادرات تفتح المجال أمام إنشاء كيانات صناعية جديدة، تعتمد على التكنولوجيا النظيفة، وتواكب الاتجاهات العالمية.
وذكر أنه من ضمن الخطة أيضًا، تطوير عدد من الأراضى فى مدن الدلتا والقناة، مثل أراضى شركات «الدلتا للسكر» و«الدلتا للصلب» وشركات «الغزل والنسيج» التى تمتلك مساحات ضخمة داخل الكتل العمرانية، حيث تخطط الوزارة لاستغلال هذه المواقع لإنشاء مجمعات صناعية صغيرة ومتوسطة، إلى جانب مشروعات سكنية وتجارية تدعم فرص العمل، وتخدم سكان المناطق المجاورة.
وقال إن الوزارة حرصت على تبنى نهج يعتمد على الشفافية والمنافسة العادلة فى إتاحة الفرص الاستثمارية أمام القطاع الخاص، ولهذا الغرض، أنشأت الوزارة لجنة عليا لإدارة ملف استغلال الأصول، تتولى إعداد كراسات الشروط، وتقييم العروض، والإشراف على مراحل تنفيذ المشروعات المختلفة لضمان تحقيق أعلى قيمة مضافة من كل أصل عقارى.
وبين أنه من المنتظر أن تسهم هذه الخطة فى تغيير الخريطة الاستثمارية داخل مصر خلال السنوات المقبلة، حيث ستعيد ضخ الأراضى الخاملة إلى عجلة النشاط الاقتصادى، وتوفر قاعدة صلبة لزيادة الصادرات الصناعية والخدمية، وتدعم تنمية المناطق العمرانية خارج النطاق التقليدى للمدن الكبرى.
وأشار إلى أن هذه الجهود تتماشى مع رؤية مصر ٢٠٣٠ التى تهدف إلى تعزيز مساهمة الأصول غير المستغلة فى دعم الاقتصاد الوطنى، وتوسيع قاعدة الملكية، وتحفيز القطاع الخاص على القيام بدور أكبر فى قيادة عملية التنمية الشاملة.
وقال إن المؤشرات الأولية تظهر أن هذه الخطة بدأت تؤتى ثمارها بالفعل، مع زيادة اهتمام المستثمرين الأجانب بالدخول فى مشروعات الشراكة، خاصة مع توفير بنية تحتية متطورة وشبكة مواصلات حديثة فى العديد من المواقع الجارى تطويرها.
وأوضح أن نجاح الوزارة فى تنفيذ خطتها الطموحة لاستغلال الأصول العقارية سيشكل خطوة استراتيجية مهمة نحو بناء اقتصاد أكثر تنوعًا ومرونة، قادر على جذب الاستثمارات وخلق فرص عمل جديدة، مع الحفاظ على حقوق الدولة وضمان استدامة العوائد.
