الناموسية، أو كما تعرف في بعض البلدان بـ”شبكة الحماية”، لم تكن مجرد قطعة قماش تعلق فوق الأسرة، بل كانت جزءًا أساسيًا من تفاصيل الحياة اليومية، وخاصة في البيوت العربية خلال القرنين الماضيين، وظيفتها الأساسية كانت ولا تزال الحماية من الناموس والحشرات الطائرة، التي لا تفرق بين صغير وكبير، ولا تمنعها جدران البيوت ولا نوافذها.
تصنع الناموسية عادة من قماش شفاف خفيف يشبه التل أو الشبك الناعم، وتثبت بأربع زوايا فوق السرير، أو تعلق في نقطة واحدة أعلى منتصف السقف لتنسدل بشكل هرمي أو دائري، يتيح هذا التصميم حرية النوم دون انزعاج من الحشرات، وفي الوقت ذاته يسمح بمرور الهواء، وهو ما يجعلها مثالية في البيئات الحارة والرطبة، خاصة في المناطق الريفية والصعيدية.
ورغم بساطة الناموسية، إلا أن حضورها تجاوز الجانب الوظيفي، لتدخل في بعض البيئات ضمن الطقوس الجمالية للبيت، خصوصًا في غرف النوم، حيث كانت تزين أحيانًا بالدانتيل الأبيض أو تطرز يدويًا، لتضفي لمسة رومانسية وأنيقة، لا سيما في غرف العرائس.
في الماضي، كانت الناموسية ضرورية في زمن لم يكن فيه “سبراي الحشرات” ولا أجهزة طاردة للبعوض، بل إن وجودها كان مؤشرًا على رقي البيت ونظافته، فهي تمنح للنوم خصوصية وهدوءًا، وتحمي من لسعات قد تكون مؤلمة أو حتى ناقلة للأمراض مثل الملاريا.
ومع التقدم التكنولوجي، بدأت الناموسية تختفي تدريجيًا من البيوت الحضرية، لتحل محلها وسائل مكافحة حديثة، لكنها بقيت حاضرة في الذاكرة الجمعية، وفي مشاهد الدراما والأفلام القديمة، رمزًا للحنين والزمن الجميل، ولصورة الأم وهي ترتب أطراف الناموسية حول فراش طفلها قبل أن تطفئ المصباح.
في السنوات الأخيرة، عادت الناموسية في بعض البيوت الحديثة ولكن بطابع جديد، حيث ظهرت تصاميم مبتكرة ذات ألوان متعددة وأشكال فنية، تستخدم لأغراض ديكورية بجانب وظيفتها الأصلية.
