أفادت صحيفة انديان اكسبريس، اليوم الجمعة، انه من المقرر أن يقود قائد الجيش الهندي، اليوم الجمعة، مراجعة أمنية رفيعة المستوى في مدينة سريناغار، وذلك بعد أيام من قيام مسلحين بإطلاق النار على سياح في كشمير الخاضعة للسيطرة الهندية، مما أسفر عن مقتل 26 مدنيًا في واحد من أسوأ الهجمات منذ سنوات.
وقد وقع الهجوم الجريء في مرج جبلي بالقرب من بلدة باهالجام، مما زعزع مزاعم رئيس الوزراء ناريندرا مودي بشأن استعادة الهدوء في الإقليم المضطرب، وأدى إلى تصاعد التوترات بين الهند وباكستان، الدولتين النوويتين.
الجيش الهندي يطلق عمليات تمشيط وتدمير واسعة النطاق
وقد أطلق الجيش الهندي عمليات "تمشيط وتدمير" واسعة النطاق، ونشر طائرات استطلاع بدون طيار، وزاد من عدد قواته في وادي كشمير، فيما تتواصل ملاحقة ثلاثة مشتبهين – أحدهم هندي واثنان باكستانيان.
وفي وقت مبكر من صباح الجمعة، قامت السلطات في كشمير الخاضعة للهند بهدم منازل اثنين من المسلحين المشتبه بهم، أحدهما متهم بالمشاركة في هجوم الثلاثاء، وفقًا لمسؤول محلي.
الأمم المتحدة تدعو الهند وباكستان إلى إبداء أقصى درجات ضبط النفس
ومع تصاعد التوتر بين البلدين، دعت الأمم المتحدة الهند وباكستان إلى إبداء أقصى درجات ضبط النفس، فقد تبادلت الدولتان إجراءات دبلوماسية متوترة بعد حادث إطلاق النار الدموي في كشمير.
وقد بلغت العلاقات بين البلدين أدنى مستوياتها منذ سنوات، إذ تتهم الهند باكستان بدعم "الإرهاب العابر للحدود"، في أعقاب الهجوم الذي يُعد الأسوأ ضد مدنيين في كشمير ذات الغالبية المسلمة منذ ربع قرن.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، للصحفيين في نيويورك يوم الخميس: "نناشد بشدة الحكومتين أن تمارسا أقصى درجات ضبط النفس، وأن تضمنا عدم تدهور الوضع بشكل أكبر"، مضيفًا: "نعتقد أن أي قضايا بين باكستان والهند يمكن ويجب حلها سلميًا من خلال حوار بنّاء بين الطرفين".
وتسلط زيارة الجنرال أوبيندرا دويفيدي، قائد الجيش، إلى العاصمة الإقليمية الضوء على التصعيد الحاد في النشاطين العسكري والدبلوماسي.
فقد بدأت الهند، الخميس، مناورات جوية وبحرية واسعة النطاق، وصفها محللون بأنها قد تمهد لتحرك عسكري.
وتكتسب تدريبات سلاح الجو الهندي "غاغانشاكتي"، والتي تستعرض طائرات "رافال" وسرب النخبة من الطيارين، أهمية متزايدة، بينما تكثف البحرية مناوراتها وتختبر صواريخ أرض-جو.
الكثير من الامور المعقدة التي يجب التعامل معها
وقال المحلل المخضرم سي. راجا موهان، "هناك الكثير من الأمور المعقدة التي يجب على مودي التعامل معها، بما في ذلك القدرات الكبيرة للجيش الباكستاني، ولكن بالنظر إلى فظاعة الهجوم والغضب الشعبي الذي اجتاح البلاد – خاصة أن الضحايا من 15 ولاية هندية – قد لا يكون أمام رئيس الوزراء خيار سوى المخاطرة باتخاذ قرارات كبرى".
أدلة واضحة على تورط عبر الحدود
وعلى الصعيد الدبلوماسي، أطلع وزير الخارجية الهندي، فيكرام ميسري، سفراء نحو 25 دولة، من بينها شركاء في مجموعة العشرين ودول الخليج، ولا سيما الصين، وقد عُدّ إشراك بكين – رغم توتر العلاقات – خطوة نحو حشد إجماع دولي أوسع.
وقدّمت الهند ما وصفته بـ"أدلة واضحة على تورط عبر الحدود"، في حين أعلنت جماعة غير معروفة تطلق على نفسها اسم "جبهة المقاومة" مسؤوليتها عن الهجوم، وتقول السلطات الهندية إنها واجهة لجماعة "عسكر طيبة" أو جماعة مشابهة مقرها باكستان. وقد نفت إسلام آباد أي ضلوع لها، واتهمت الهند بعدم تقديم أدلة كافية.
وفي أول خطاب له منذ الهجوم، تعهّد مودي، الخميس، بملاحقة منفذي الهجوم: "أقول للعالم كله: ستحدد الهند هوية كل إرهابي وداعميه، وستلاحقهم وتعاقبهم. سنطاردهم حتى أطراف الأرض".
باكستان تنفي أي تورط
من جانبها، نفت باكستان أي تورط، ووصفت محاولات الربط بينها وبين الهجوم بأنها "عبثية"، وحذّرت من أي تحرك هندي قائلة: "أي تهديد لسيادة باكستان وأمن شعبها سيُقابل بإجراءات صارمة ومتكافئة في جميع المجالات"، وذلك في بيان أعقب اجتماعًا نادرًا للجنة الأمن القومي برئاسة رئيس الوزراء شهباز شريف، وبمشاركة كبار قادة الجيش.
وتجدر الإشارة إلى أن إقليم كشمير مقسّم بين الهند وباكستان منذ استقلالهما عام 1947، وكل طرف يطالب بالإقليم بأكمله ويسيطر على جزء منه.
وتشهد كشمير الخاضعة للهند تمردًا مسلحًا منذ عام 1989، تقوده جماعات تطالب إما بالاستقلال أو الانضمام إلى باكستان.
وتقول الشرطة الهندية إن المهاجمين الثلاثة ينتمون لجماعة "عسكر طيبة"، المصنفة من قبل الأمم المتحدة كمنظمة إرهابية، وقد رُصدت مكافأة قدرها مليونا روبية (نحو 23,500 دولار) لمن يدلي بمعلومات تقود إلى اعتقال كل منهم.
وفي اليوم التالي للهجوم، أعلنت نيودلهي تعليق معاهدة تقاسم المياه، إغلاق المعبر البري الرئيسي مع باكستان، خفض التمثيل الدبلوماسي، وسحب تأشيرات دخول المواطنين الباكستانيين.
وردت إسلام آباد، الخميس، بطرد الدبلوماسيين والمستشارين العسكريين الهنود، وإلغاء تأشيرات المواطنين الهنود – باستثناء الحجاج السيخ – وإغلاق المعبر الحدودي من جانبها.
كما حذّرت باكستان من أن أي محاولة هندية لوقف تدفق المياه من نهر السند ستُعتبر "عملًا من أعمال الحرب".