بمناسبة حلول ذكرى وفاة الفنان الكبير محمود مرسي اليوم الخميس، نسترجع سيرة واحد من أعظم الممثلين في تاريخ الفن المصري والعربي، الذي ترك بصمة لا تُنسى بأدواره العميقة وأدائه المتفرد الذي جمع بين الفكر والفن، والاحتراف والهيبة.
معلومات عن محمود مرسي
وُلد محمود مرسي في مدينة الإسكندرية في السابع من يونيو عام 1923، وسط أسرة تنتمي للطبقة الراقية، وكان والده نقيبًا للمحامين، ما أتاح له فرصة للنشوء في بيئة مثقفة، درس الفلسفة في كلية الآداب بجامعة الإسكندرية، قبل أن يتجه إلى فرنسا لاستكمال دراسته في مجال الإخراج السينمائي في معهد الدراسات العليا في باريس، ثم سافر إلى لندن وعمل في القسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية، لكنه عاد إلى مصر بعد العدوان الثلاثي عام 1956، ليبدأ رحلته الفنية الحقيقية، التي شكلت منعطفًا حاسمًا في تاريخ الدراما المصرية، وفقا لما رصده موقع تحيا مصر.

انطلق محمود مرسي في عالم السينما بأول أعماله عام 1962، وسرعان ما أثبت نفسه كأحد أهم الممثلين في جيله، تنوعت أدواره ما بين الشر والخير، الصراع الإنساني والنفسي، والسلطة والعاطفة، فقدم في أعمال عديدة أداءً لا يُنسى، وجسد شخصيات معقدة ببراعة جعلته رمزًا للتمثيل العميق المدروس، كان من أبرز أعماله السينمائية أفلام الليلة الأخيرة، الباب المفتوح، أمير الدهاء، السمان والخريف، شيء من الخوف، زوجتي والكلب، أبناء الصمت، وأغنية على الممر.
إنجازات محمود مرسي في الدراما التلفزيونية
أما في الدراما التلفزيونية، فقد استطاع محمود مرسي أن يصنع مجده الخاص، فكان حضوره على الشاشة الصغيرة مكتملاً بوقاره وصوته المميز وتقمصه الكامل للشخصيات، قدم أعمالاً خالدة مثل رحلة السيد أبو العلا البشري، وعصفور النار، وبين القصرين، وقصر الشوق، والعائلة، وتعددت أدواره بين الطبقة الأرستقراطية والمثقفة والبسطاء، لكنه دومًا أضفى عمقًا خاصًا لكل شخصية.
نال محمود مرسي خلال مسيرته الفنية العديد من الجوائز والتكريمات، أبرزها جائزة الدولة التقديرية في الفنون عام 2000، كما صُنّفت ستة من أفلامه ضمن قائمة أفضل مئة فيلم في تاريخ السينما المصرية، حسب استفتاء النقاد عام 1996، وهي السمان والخريف، شيء من الخوف، زوجتي والكلب، أغنية على الممر، ليل وقضبان، وأبناء الصمت، هذا التقدير يعكس حجم تأثيره في الوجدان الفني المصري والعربي.
سبب ابتعاد محمود مرسي عن الأضواء
على المستوى الشخصي، عُرف مرسي بعزلته وابتعاده عن الأضواء، وكان يرفض الظهور الإعلامي إلا لأسباب فنية حقيقية، مؤمنًا بأن الفنان الحقيقي يُعرف من خلال فنه لا من خلال حضوره الإعلامي، تزوج من الفنانة سميحة أيوب لفترة قصيرة وأنجب منها ابنهما الوحيد علاء، الذي يعمل في مجال الإخراج.
توفي محمود مرسي في الرابع والعشرين من أبريل عام 2004، إثر أزمة قلبية أثناء تصويره مسلسل وهج الصيف، عن عمر ناهز واحدًا وثمانين عامًا، بعد رحلة فنية استثنائية تركت إرثًا من الشخصيات الثرية والقضايا العميقة التي عبرت عن الإنسان في أضعف حالاته وأشد لحظاته تعقيدًا.