هذه رسالة موجهة إلى جموع المصريين، لأن الأوضاع الحالية كارثية وتحتاج إلى مزيد من تكاتف الجميع أكثر مما مضى.
ففى خضم التحولات الإقليمية والدولية المتسارعة، وما تفرضه من تحديات واسعة وضغوط متزايدة، تبرز الحاجة الماسة والملحة والشديدة إلى اصطفاف وطنى راسخ ومتين خلف القيادة السياسية المصرية، كضرورة حتمية لمواجهة مخططات التآمر التى تستهدف أمن واستقرار مصر، وتسعى إلى إسقاطها وزعزعة أركانها على غرار ما شهده بعض الدول المجاورة.
إن مصر بتاريخها العريق وموقعها الاستراتيجى وثقلها الإقليمى، لطالما كانت هدفًا لأطماع قوى خارجية تسعى لتقويض دورها وإضعاف وحدتها، مستغلة الظروف الإقليمية لخلق بؤر توتر وزعزعة الاستقرار. وفى هذا السياق الدقيق يصبح الاصطفاف الوطنى ليس مجرد خيار أو تفضيل، بل هو واجب حتمى وضرورة للحفاظ على مقدرات الوطن وحماية مكتسباته وصون مستقبل أجياله القادمة.
إن مخططات التآمر على مصر ليست وليدة اللحظة، بل هى امتداد لمحاولات مستمرة عبر التاريخ للنيل من استقلالها وسيادتها ووحدة أراضيها. وتتخذ هذه المخططات أشكالًا متنوعة، بدءًا من بث الفرقة والفتنة بين أبناء الوطن الواحد، مرورًا بنشر الشائعات والأخبار الكاذبة لتقويض الثقة فى المؤسسات الوطنية، وصولًا إلى دعم وتمويل الجماعات المتطرفة والعناصر الهدامة التى تسعى لفرض أجندات خارجية وتقويض النظام الوطنى. كما تتضمن هذه المخططات محاولات للتدخل فى الشئون الداخلية لمصر، وفرض أجندات سياسية واقتصادية تخدم مصالح قوى خارجية على حساب المصالح الوطنية العليا.
إن النظر إلى تجارب بعض الدول المجاورة التى سقطت فى براثن الفوضى والصراعات الداخلية نتيجة لمثل هذه المخططات التآمرية، يجب أن يكون بمثابة جرس إنذار يدق فى وجدان كل مواطن مصرى غيور على وطنه. لقد أظهرت تلك التجارب المؤلمة كيف يمكن للاستغلال الخبيث للخلافات الداخلية، وتضخيم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، وتأجيج الفتن الطائفية والعرقية، أن يؤدى إلى انهيار الدول وتفككها، وضياع مقدرات شعوبها فى أتون صراعات لا نهاية لها. إن الحفاظ على وحدة الصف الوطنى، وتجاوز الخلافات الثانوية، والتركيز على المصالح العليا للوطن، هو خط الدفاع الأول والأكثر فاعلية فى وجه هذه المخططات الخبيثة.
إن الاصطفاف الوطنى خلف القيادة السياسية فى هذه المرحلة الحرجة لا يعنى بالضرورة التخلى عن حق النقد البناء أو الاختلاف فى وجهات النظر، بل يعنى إعلاء المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار، وتوحيد الجهود والطاقات لمواجهة التحديات المشتركة، ويعنى أيضًا دعم المؤسسات الوطنية والوقوف صفًا واحدًا فى وجه كل من يسعى للنيل من أمن واستقرار مصر.
إن القيادة السياسية تتحمل مسئولية تاريخية فى هذه المرحلة، تستوجب دعمًا شعبيًا واسعًا يمكنها من اتخاذ القرارات الصعبة وتنفيذ الإصلاحات الضرورية لحماية الوطن وتحقيق تطلعات الشعب.
إن تعزيز الوعى الوطنى، وتنمية الحس بالمسئولية لدى كل مواطن، وفضح مخططات التآمر وأساليبها الخبيثة، هى مسئولية مشتركة تقع على عاتق الجميع، من مؤسسات الدولة إلى وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدنى والأفراد. ويجب تضافر الجهود لترسيخ قيم الوحدة الوطنية والتسامح ونبذ الفرقة والانقسام، وتعزيز الثقة فى المؤسسات الوطنية وقدرتها على حماية الوطن وتحقيق التنمية والازدهار.
إن الاصطفاف الوطنى خلف القيادة السياسية المصرية ليس مجرد شعار أو تعبير عاطفى، بل هو ضرورة وجودية وحصن الأمان لمصر فى مواجهة مخططات التآمر التى تستهدف إسقاطها. إنه تعبير عن وعى الشعب المصرى بأهمية وحدته وتماسكه فى وجه التحديات، وعن إيمانه بقدرة قيادته على تجاوز الصعاب وتحقيق مستقبل أفضل للوطن. إن مصر بشعبها العظيم وقيادتها الحكيمة، قادرة على إفشال كل المخططات التى تستهدفها، وستظل بإذن الله صامدة شامخة، حصنًا للأمة العربية وسندًا لها فى مواجهة كل التحديات.