وراء كل مشروع صغير قصة كبيرة من الكفاح والإصرار، ففي زمن التحديات والضغوط الاقتصادية، قرر بعض الشباب عدم الاستسلام، وصنع مستقبلهم بأيديهم دون ملل أو إحباط، مؤمنين بقدرتهم على النجاح ومواجهة كل الصعوبات.
ومن بين هذه القصص الملهمة، تبرز قصة أحمد رمضان، المعروف بـ"أبو كريم"، الذي تحدى كل العقبات التي قابلته في حياته، ونجح في تحقيق حلمه الكبير، وأصبح صاحب أول مطبخ متنقل في مدينة المنصورة.
تفاصيل القصة
"الإعاقة ليست إعاقة جسد، وإنما إعاقة فكر"، بدأ أحمد رمضان، الشهير بـ"أبو كريم"، حديثه بهذه الجملة، مؤكدًا أن النجاح لا يعتمد على الظروف بل على الإرادة والتصميم، مشيرًا إلى أن كل إنسان قادر على تخطي أي عقبة إذا قرر أن يحقق حلمه.
في الماضي، تعرض "أبو كريم" لحادث مؤلم في طفولته، كان قد اصطدم بقطار أثناء وجوده في أرض والده، مما أدى إلى إصابته بإعاقة في قدمه، ورغم ذلك، كان يقول دائمًا: "ربنا كتب لي عمرًا جديدًا"، فكان مؤمن أن ما حدث له هو خير، وأن لديه فرصة أخرى لبداية حياة جديدة ومختلفة، وتلك اللحظة التي ساعده فيها والده في تجاوز إصابته ونجح في أن يواصل حياته بشكل طبيعي.
لكن "أحمد" لم يتوقف عند تلك المرحلة، بل قرر أن يكون صاحب مشروعه الخاص، وتحقيق حلمه الذي طالما راوده، ورغم أن الظروف المادية لم تكن تساعده في البداية، إلا أن إصراره دفعه للبحث عن طرق بديلة وابتكارية لتحقيق هذا الحلم.
في عام 2016، بدأ "أحمد" مشروعه الذي كان يتمنى أن يصبح واقعًا، بمساعدة أصدقائه، قرر أن يبتكر أول مطبخ متنقل في مدينة المنصورة، وقد بدأ الفكرة من لا شيء، وعمل ليل نهار في تجارب وتجهيزات عديدة حتى وصل إلى النتيجة التي كان يحلم بها.
وبالفعل، في نفس العام، استطاع "أحمد" تصميم أول مطبخ متنقل بتكامل إمكانياته من كهرباء وصرف صحي وغاز، وتم إطلاقه ليكون مصدر رزقه الوحيد، وقد لاقى المشروع نجاحًا سريعًا، ليبدأ أبو كريم مشواره في تقديم طعامه المميز في مطبخه المتنقل في المنصورة، ولكن مع لمسة فنية وعملية استثنائية.
لم يكتف أحمد بهذا النجاح، بل قام بتوسيع مشروعه في عام 2019، عندما افتتح فرعًا جديدًا، وأصبح لديه عمالة وتوصيل، واستمر في تطوير المشروع وتحسين خدماته بناءً على آراء الزبائن.
كما اختار أحمد فريق عمله بعناية من أصدقائه، فعمل معهم على تدريبهم وتعليمهم أساسيات المهنة ليصبحوا جميعًا جزءًا من نجاح المشروع، ولم يكن الأمر سهلًا، وكان يتطلب جهدًا مضاعفًا، لكنه أصر أن يحقق حلمه مهما كانت الصعوبات.
ومرت السنوات على أبو كريم، وبالرغم من التحديات الصحية التي واجهها، التي تطلبت بتر قدمه، وكذلك أزمة كورونا وأزمة ارتفاع الأسعار التي أثرت على السوق، إلا أنه ظل ثابتًا على موقفه، متمسكًا بحلمه، ومؤكدًا أن كل هذه العقبات لن تثنيه عن استكمال طريقه، وكانت إرادته أكبر من كل الصعوبات والتحديات.
واليوم، أصبح "أبو كريم" أحد الأسماء التي يطلبها الجميع، خاصة في الجامعات والمدارس الخاصة والحفلات، كما استطاع امتلاك أكثر من مطبخ متنقل، ومكانًا ثابتًا في شارع 306 بالمنصورة.
وفي النهاية، أكد "أبو كريم" أن السر وراء نجاحه يكمن في مساعدة الناس والوقوف بجانبهم، وإن الإرادة هي السلاح الخفي وراء كل انجاز عظيم يحققه الإنسان في حياته، مضيفًا أن كل شخص يجب أن يتعلم من كل التحديات التي يمر بها ليصبح أقوى ويستطيع التغلب على صعوبات الحياة التي لا تنتهي.



