تلعب الأسرة دورًا أساسيًا في تشكيل نفسية ووعي الأطفال فالأطفال الذين ينشأون في أسر لا تشبع احتياجات الطفل النفسية غالبًا ما يعانون من التعب السريع واضطرابات المعدة وفرط الحساسية كما يتميزون ببعض الخصائص المبكرة التي يبقى بعضها معهم العمر كله من هذه الخصائص الملل السريع، النفور الشديد من الآخرين خاصة الغرباء، الاضطراب الشديد عند المرور بتغييرات غير متوقعة، التحفظ، فقدان الصبر، الاعجاب بالسلطة والنماذج التسلطية.
وهناك الكثير من المشكلات والاضطرابات الانفعالية كالعدوان والقلق والخوف، يكتسبها الطفل بتأثير الآخرين فالوالدين اللذين يشعران بالقلق والإحباط والفشل يحولان طفلهما إلى كائن محبط تعوزه الثقة بالنفس.
ويوضح عبد الستار إبراهيم أستاذ العلوم السلوكية وعلم النفس الطبي في كتابه "القلق قيود من الوهم"، أن غالبية مشكلات الأطفال لا تنتج عن اضطراب بقدر ما تنتج عن عدم الخبرة والسذاجة والجهل، لذا علينا أن نتحاشى التسرع والعجلة في وصف طفل معين بالقلق أو الاضطراب النفسي فالتغيرات التي نلاحظها بين الأطفال وهم يشرفون على المراهقة بما فيها من تصرفات انفعالية وميل للجدل والإكثار من الميل للوحدة والخصوصية داخل المنزل أمر ينم عن ميلهم للاستقلال، كما يجب أن نقبل بنفس المنطق ما يصدر من أطفالنا في المراحل المبكرة من العمر من تصرفات تتسم بالحركة السريعة أو التشتت وبعض جوانب التخريب والتدمير على أنها محاولات من الطفل لاستكشاف البيئة من حوله وليس علامة على العدوان أو القلق المرضي.
وأشار إلى أن اضطرابات الأطفال والمراهقين تعد تعبيرًا مباشرًا عن اضطرابات البالغين أنفسهم فالمشكلات بين الأطفال تتزايد مع تزايد الصراع الأسري والإهمال وقدوم الطفل من أبوين مشغولين بمشكلاتهما الشخصية لدرجة تعوق قدرتهما على تربية الطفل بشكل سليم.
اضطرابات السلوك عند الأطفال
وتابع: أكدت دراسة حديثة أن هناك ما يقرب من 37% من الأطفال في المدارس لدبهم مشاعر مرتبطة بالحزن وسلوكيات ترتبط بالاكتئاب والقلق، وفي الولايات المتحدة الأمريكية 11% من الأطفال يعانون من اضطرابات نفسية تحتاج للعلاج ونعتقد أن النسبة في البلاد العربية لا تختلف عن ذلك إن لم تكن أكثر.
كيف نستدل على وجود اضطراب انفعالي عند الأطفال؟
وكشف “إبراهيم” عن أنماط الاضطراب السلوكي عند الأطفال فهناك فئة تتجه الاضطراب لديهم في سلوكيات موجهة ضد الآخرين أو ممتلكاتهم والاندفاع وعدم التعاون وإثارة المشاكل.
وهناك فئة من الأطفال يتجه الاضطراب لديهم نحو الكذب، الإدعاء، السرقة، الولاء لجماعات تشجعهم على الجريمة والإدمان
وهناك فئة ثالثة من الأطفال يتسمون بعدم النضج والعجز عن التفاعل الاجتماعي والتكيف مع الآخرين بما يتناسب مع أعمارهم ولهذا ينتشر بينهم الشرود وأحلام اليقظة والسلبية
وأخيرًا هناك الطفل المثقل بالهموم والقلق وهذه الفئة تنتشر بينهم المخاوف المرضية كالخوف من الظلام أو الحيوانات أو الوحدة وتشيع بينهم أعراض أخرى كعدم الثقة بالنفس والإحساس بالضآلة والخجل الشديد، صداقاتهم قليلة وحساسيتهم مفرطة وتسود بينهم علامات الاكتئاب والتعاسة وعدم الرضا عن النفس بوجه عام.
الأسباب التي تساعد على تطور القلق المرضي لدى الأطفال:
- التعرض لصدمات مبكرة أو خبرات سيئة كالمرض أو الاعتداء الجسمى أو الجنسي أو وفاة أحد الوالدين، ومن المعروف أن الانتقال لبيئة جديدة والبعد عن الأصدقاء القدامى يشكل نوعًا من الصدمة لا ينبغي تجاهله بين الأطفال
- عوامل وراثية كوجدود حساسية مفرطة للطفل تجاه التعامل مع الآخرين أو المواقف المختلفة تجعله يخاف بسرعة وينفعل بسرعة
- يرتبط القلق المرضي عند الأطفال بوجود والدين يكثران من النقد أو الحماية المفرطة ويقللان من إمكانيات الطفل وانطلاقه
- الفشل الأسري في إمداد الطفل بالرعاية اللازمة في الوقت الملائم وتعرض الطفل للفشل المتكرر مع عدم وجود من يعينه على مواجهة الإحباط وتعلم خبرات جديدة تساعده على النجاح عادة ما يتطور إلى القلق والانسحاب والاكتئاب
ورغم أن العوامل الوراثية تلعب دورا مهمًا في استعداد الطفل للإصابة بالقلق لكن بوجه عام لا يظهر القلق على الطفل كنتيجة مباشرة لما يرث من أبويه بل كنتيجة مباشرة لعلاقات اجتماعية تفتقر للصحة والسلامة.
أخطاء تربوية تدعم إصابة اأطفال بالقلق
- مقارنة الطفل دائمًا بالآخرين خاصة إخوته وزملائه،،، البديل ركز على ما يملك الطفل من إمكانيات وقدرته الشخصية على تنمية مواهبه
- تذكير الطفل الدائم بأخطائه ونقاط ضعفه وجوانب نقصه،،، البديل ركز على ما أنجز الطفل وعلى ما أحرزه من تغير وشجعه على الاستمرار
- استخدام مشاعر الذنب عند عقاب الطفل كأن تقول له "إنك تجرح مشاعرنا"، "إنك أناني"، "إن الله سيعاقبك على أفعالك"،،، البديل إعرف ما الذي أدى إلى المشكلة وركز على إيجاد الحل الملائم
- التحقير من إمكانيات الطفل وقدراته على حل مشكلاته،،، البديل اعط بعض الوقت لسماع رأيه وناقشه دائمًا باحترام وموضوعية
- التدخل المستمر وعدم احترام خصوصية الطفل من خلال مراقبة كل كبيرة وصغيرة يقوم بها،،، البديل راقب عن بعد ما يحدث للطفل وتدخل عند الضرورة ولا تجعل الطفل خائفًا حتى وهو بمفرده من أنك ستقتحم عليه خلوته
- التركيز على الكمال المطلق.. على أن يكون أذكى من الجميع أو أشطر أو أقوى من الكل..البديل ركز على ما يمتلكه الطفل بالفعل من مهارات وساعده على تطويرها
- التركيز على إثارة القلق لدى الطفل فتقول له " هل تعرف كم تبقى على الامتحان " البديل.. ركز على إثارة الدافع لديه للعمل وإنجاز ما عليه من مهام
- الشكوى المستمرة من الحياة.. البديل حاول دومًا إيجاد حلول للمشكلات لأنهم يقلدونك
- تقبل أعذار الطفل وأنت تعلم أنها مجرد حجج يختلقها ليهرب من المسئولية،،، البديل ـ شجعه على المواجهة وحل المشكلة
- الضغط على طفلك بالإسراع،،، البديل اعطه الفرصة لإنهاء العمل وساعده على أن يخطط جدوله ووقته بشكل جيد لأن الاستعجال الدائم يربك الشخص ويثير القلق بوجه عام
نصائح للتعامل مع الأبناء
- لا تكثر من الحديث عن المستقبل " ذاكر عشان تبقى دكتور كبير / مهندس أو غني ولكن ركز على الأهداف القريبة مثل الشعور بالراحة والاستمتاع والاحترام الذي يخلقه النجاح
- لا تدفع طفلك للتعامل مع الآخرين على أنهم منافسين أو أنهم نماذج يمكن إتباعها أوهزيمتها ولكن شجع طفلك على العلاقات الايجابية الدافئة والتعاون مع الآخرين
- لا تثر في طفلك أهدافًا غير واقعية كأن تقول له ستكون دائمًا الأول ستكون أشهر وأحسن طبيب وبدلًا من ذلك قم باثارة أهداف واقعية مثل "اعتقد انك لو خصصت نصف ساعة يوميا لمذاكرة الـ math سيرتفع تقديرك عما هو عليه وهكذا .
- لا تخوفه من العالم الخارجي كأن تقول له لا تتحدث مع الكبار،لاتنزل المياه لأنك لا تعرف السباحة، لا تلعب لأنك ستمرض بدلًا من ذلك علمه السباحة بدلًا من تخويفه من الماء واجعله يحيط نفسه بالملبس الملائم في الأوقات الباردة، واسمح له بالتعامل مع الآخرين ولكن في محيط آمن.
- خصص دائمًا بعض الوقت لمناقشة الأطفال في مخاوفهم دون السخرية منها
- اجعلهم يصلون إلى الحلول بأنفسهم حتى لو كنت تعرفها شجعهم على التعبير عن رأيهم ومشاعرهم أمامك
- من المهم كبالغ أن تسلح نفسك بالهدوء عند تعاملك مع مخاوف الطفل، فليست كل مخاوف الطفل غير حقيقية أو حمقاء.. فبعض المخاوف حقيقية ويجب أن نساعد أطفالنا على مواجهتها.. علمه مثلًا كيف يهرب في مواقف الخطر، وكيف يستعين بالبوليس إذا دعت الضرورة، كيف يستغيث بالناس.لاننسى أن الخوف والقلق انفعالان لهما جوانبهما الايجابية من حيث حماية الكائن من خطر متوقع
- استخدم نفسك كقدوة جيدة ولا تنسى أن كثيرًا من مخاوف الاطفال تكتسب من الوالدين بفعل القدوة والمحاكاة لذا يجب ان تواجه مخاوفك الشخصية وتتغلب عليها
- ارفض بوضوح وهدوء المتطلبات غير الواقعية لأطفالك ونفذ ما تعد به إن كان ممكنًا
- لا تعاقب بشكل مستمر عند الخطأ وإن كان لا بد من العقاب وضح السبب فيه وبين الطريقةالصحيحة للتصرف أو الفعل في المستقبل
