أ أ
هل من الممكن أن يساعدنا الذكاء الاصطناعي في سماع صوت النباتات وهى تطلب منا أن يتم سقيها أو إضافة الأسمدة المغذية لها أو تنذرنا بانها تتعرض لخطر هجوم الآفات ا وانها متأثره من تعرضها للمناخ نتيجة الحرارة المرتفعة أو البرودة المنخفضة؟ هل يستخدم صوت الأطفال الصغار مع النباتات الصغيرة أو صراخ النباتات الكبار مع تحذيرات الهجوم عليها؟ هل سوف نسمع النبات يقول لنا لقد حان وقت الحصاد فكن رحيما معي وأنت تقطعني وتحصل على محصولي؟
دعنا في البداية نتفق إن التواصل اللفظي هو أحد الأسباب العديدة التي جعلت البشر ناجحين للغاية كنوع. من تحذير بعضنا البعض من الخطر إلى نقل المعلومات المعقدة، حيث تعتبر قدرتنا على الكلام حاجة حاسمة. لكن ليس البشر والحيوانات الأخرى فقط هم من طوروا تواصلًا متطورًا. يعتبر الكثير من الناس النباتات كائنات سلبية، لكن لديها طريقتها الخاصة في التفاعل مع بعضها البعض. هذه الفكرة موجودة منذ فترة طويلة، حتى أنها قد ألهمت أفلام هوليوود. لكن العلوم الحديثة تظهر أن أنظمة التواصل النباتية قد تكون أكثر تعقيدًا مما تخيلنا. والحقيقة الثابتة لدينا، أن الكثير من الناس يعتبر النباتات مجرد خضرة جميلة المظهر.
نعم، ضرورية للهواء النظيف، ولكنها كائنات بسيطة. إلا أن تغيير جذري في البحث العلمي بهذا الصدد يهز الطريقة التي يفكر بها العلماء في النباتات: حيث ثبت أن النباتات تتعامل وتتفاعل مع بعضها البعض بطريقة أكثر تعقيدًا وأقرب إلينا مما قد تتخيل. هذا المجال المزدهر من العلوم ممتع للغاية بحيث لا يمكن إيفاء حقه في موضوع أو اثنين حيث انه من المتوقع أن يغير مفاهيمنا ويحولنا الى مسارات موازية أخرى ترتبط بهذا المسار بقوة.
لقد أكد العلماء على وجود شبكات اتصال حساسة ومتوازنة بين النباتات. تخيل كيف سيضطرب عالمنا إذا انهارت أنظمة الشبكات العالمية فجأة، مثل حدوث انقطاع لتكنولوجيا المعلومات وأثره مدى حساسية هذه الأنظمة وأهمية التواصل - وهذا هو الحال بالنسبة للنباتات أيضًا. ويحدث الان ان جامعة إدج هيل خصصت تمويل لهذا الشأن بصفتها عضوًا في "ذا كونفرزيشن يو كي". تقدم تمويل مع المؤسسة الوطنية للبحوث، ولاتعاون رفقة ثماني جامعات، بما في ذلك جامعة كيب بينينسولا للتكنولوجيا، وجامعة رودس، وجامعة ستيلينبوش، وجامعات كيب تاون، وجوهانسبرغ، وكوا-زولو ناتال، وبريتوريا، وجنوب أفريقيا. وتستضيفها جامعات ويتواترسراند وكيب الغربية، ومركز البحوث الأفريقي للسكان والصحة، والأكاديمية النيجيرية للعلوم. مؤسسة بيل وميليندا جيتس هي شريك استراتيجي أيضا.
التواصل وتفسر الإشارات الكهربائية بين النباتات
معظمنا على دراية برائحة العشب المقطوع حديثًا. المواد المتطايرة، أو المواد الكيميائية، التي تطلقها نباتات العشب، والتي نربطها بتلك الرائحة، هي إحدى الطرق التي تتواصل بها النباتات مع الأخرى القريبة منها لتحذيرها بأن مفترسًا - أو في هذه الحالة قص العشب - موجود، مما يدفع إلى تعديل في دفاعات النبات. بدلًا من استخدام إشارات سمعية، تستخدم النباتات التواصل المستحث كيميائيًا. ومع ذلك، لا ينتهي التواصل النباتي بالمواد المتطايرة.
اكتشف العلماء مؤخرًا مدى ترابط النباتات ومدى كفاءتها في إرسال الرسائل إلى أقرانها عبر جذورها، والإشارات الكهربائية، وشبكة من الفطريات تحت الأرض وميكروبات التربة. كم تم اكتشاف ومراقبة الحي النباتي المتطفل. على سبيل المثال، علم وظائف الأعضاء الكهربي هو تخصص علمي جديد نسبيًا يدرس كيفية توصيل وتفسير الإشارات الكهربائية فيما بين النباتات وبعضها. مع التقدم الكبير في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي (AI)، شهدنا نموًا متسارعًا كبيرًا في هذا المجال من البحث في السنوات القليلة الماضية. قد يكون العلماء على وشك اكتشافات رائعة، مع التقدم الأخير في دمج التواصل بالإشارات الكهربائية داخل النباتات وبينها في البيوت الزجاجية الحديثة لمراقبة والتحكم في ري المحاصيل أو اكتشاف أوجه القصور الغذائية.
يحقق العلماء ذلك عن طريق إدخال حساسات كهربائية صغيرة، تشبه إبر الوخز بالإبر، لاختبار كيفية ارتباط التغيرات في الإشارات الكهربائية بأداء النبات مثل نقل الماء والمغذيات وتحويل الضوء إلى سكريات مهمة. لقد أثر الباحثون أيضًا على سلوك النبات عن طريق إرسال إشارات كهربائية من الهواتف المحمولة، مما جعلهم يؤدون استجابات أساسية مثل فتح أو إغلاق الأوراق في صائدة الذباب فينوس.
ترجمة لغة المحاصيل بالكامل قريبا.
يحدث قدر كبير من التواصل بين النباتات تحت الأرض، بتيسير من شبكات فطرية كبيرة تعرف باسم "شبكة الغابة الواسعة". تربط شبكة الفطريات هذه الأشجار والنباتات تحت الأرض، مما يسمح لها بمشاركة الموارد مثل الماء والمغذيات والمعلومات. من خلال هذا النظام، يمكن للأشجار الأكبر سنًا أن تساعد الأشجار الأصغر سنًا على النمو، ويمكن للأشجار أن تحذر بعضها البعض من المخاطر مثل الآفات. إنها مثل الإنترنت تحت الأرض للأشجار والنباتات، مما يساعدها على دعم بعضها البعض والتواصل معا. حيث يعتقد أن أكثر من 80٪ من النباتات متصلة بشبكة واسعة النطاق، مما يجعلها واحدة من أقدم أنظمة الاتصال في العالم. تمامًا كما يتيح لنا الإنترنت الاتصال ومشاركة الأفكار والمعرفة والمعلومات التي يمكن أن تؤثر على اتخاذ القرارات، تتيح "شبكة الغابة الواسعة" للنباتات استخدام الفطريات التكافلية للاستعداد للتغيرات البيئية.
ومع ذلك، فإن إزعاج التربة من خلال المواد الكيميائية أو إزالة الغابات أو تغير المناخ يمكن أن يعطل عقد الاتصال من خلال التأثير على دورة المياه والمغذيات في هذه الشبكات، مما يجعل النباتات أقل اطلاعًا واتصالًا. وللأسف الشديد لم يتم إجراء الكثير من الأبحاث حتى الآن حول آثار تعطيل هذه الشبكات. لكننا نعلم أن السلوك المستجيب للنباتات، مثل الاستجابات الدفاعية وتنظيم الجينات، يمكن أن يتغير بواسطة شبكتها الفطرية إذا كانت متصلة بواحدة. لذا فإن قطع الاتصال هذا قد يجعلها أكثر عرضة للخطر، مما يجعل حماية واستعادة النظم البيئية في جميع أنحاء العالم أكثر صعوبة. لا يزال هناك الكثير مما يتعين على العلماء تعلمه حول هذه الشبكات شديدة التعقيد. في الواقع كما نعلم أنه من المهم مساعدة الأطفال على تعلم القراءة حتى يتمكنوا من التنقل في العالم من حولهم. فمن المهم بنفس القدر التأكد من أننا لا نفصل التواصل النباتي، حيث أننا في النهاية، نعتمد على النباتات في رفاهيتنا وبقائنا.
ا. د. فوزي محمد أبودنيا المدير الأسبق لمعهد بحوث الإنتاج الحيواني
