تسعى الولايات المتحدة، بقيادة الرئيس دونالد ترامب، إلى تعزيز تحالفاتها في الشرق الأوسط من خلال تسريع عملية التطبيع بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، وذلك ضمن إطار اتفاقيات إبراهيم. هذه الجهود تعكس استراتيجية خارجية تركز على بناء شراكات قوية تعتمد على المصالح الأمنية والاقتصادية المشتركة، مع الاستفادة من الإرث السابق لترامب في تعزيز السلام الإقليمي.
اتفاقيات إبراهيم: استراتيجية ترامب لإعادة تشكيل التحالفات
يعتمد الرئيس ترامب في خططه الجديدة على الإنجازات التي حققتها اتفاقيات إبراهيم عام 2020، والتي أدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل وبلدان مثل الإمارات العربية المتحدة، البحرين، السودان، والمغرب. الآن، يركز ترامب على دمج السعودية في هذا التحالف، كما أكد في مقابلة مع مجلة تايم بقوله إن ذلك “سيحدث”. كجزء من هذه الاستراتيجية، من المقرر أن يقوم ترامب بجولة خارجية أولى منذ عودته إلى السلطة في يناير 2025، تبدأ بالرياض قبل الانتقال إلى جنازة البابا فرنسيس في إيطاليا. هذه الزيارة تحمل رسائل سياسية واقتصادية تهدف إلى تعزيز النفوذ الأمريكي في المنطقة، مع التركيز على صفقات تسليح ضخمة تقدر بأكثر من 100 مليار دولار، تشمل طائرات نقل، صواريخ، أنظمة رادار، وطائرات مسيرة متقدمة. هذه الصفقة، التي تشمل شركات أمريكية رائدة مثل لوكهيد مارتن و RTX Corp، تعكس تحولاً في السياسة الأمريكية مقارنة بإدارة بايدن، التي لم تنجح في إبرام اتفاق مشابه. كما تذكرنا هذه الخطوات بزيارة ترامب للرياض عام 2017، حيث أعلن عن صفقة تسليح بقيمة 110 مليارات دولار، على الرغم من أن الكثير من تلك الاتفاقات لم تتحول إلى عقود ملزمة.
التطبيع الإقليمي: تحديات وفرص في ظل التوترات
مع ذلك، يواجه ترامب تحديات كبيرة في مسعاه، خاصة مع التركيز على الشراكات الاقتصادية التي قد تشمل استثمارات سعودية ضخمة تصل إلى تريليون دولار في الاقتصاد الأمريكي، بما في ذلك شراء معدات عسكرية متقدمة. المملكة العربية السعودية أعربت عن التزامها باستثمارات تصل إلى 1.4 تريليون دولار على مدى عشر سنوات، مما يمكن أن يعزز التعاون الثنائي. ومع ذلك، تبقى القضية الفلسطينية العائق الرئيسي أمام التطبيع الكامل، حيث يصر الجانب السعودي على ضرورة إقامة دولة فلسطينية معترف بها دوليًا قبل أي خطوات رسمية. هذا الموقف يتعارض مع سياسة الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو، خاصة مع استمرار الصراع في غزة، مما يجعل المشهد معقدًا ومفتوحًا للتطورات. في هذا السياق، يسعى ترامب إلى استغلال هذه الفرص لإعادة رسم خريطة التحالفات، مع التركيز على الجوانب الاقتصادية والأمنية لتعزيز الاستقرار الإقليمي. هذه الجهود ليست فقط عن تعزيز العلاقات الثنائية، بل تهدف إلى خلق توازن جديد في الشرق الأوسط، حيث يمكن أن تؤدي إلى انفتاح اقتصادي واسع النطاق وتقليل التوترات الأمنية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الشراكات المحتملة مع السعودية قد تشمل مجالات أخرى مثل الطاقة والتكنولوجيا، مما يعزز من مكانة الولايات المتحدة كقوة رائدة في المنطقة. ومع ذلك، يظل النجاح مرهونًا بحل الخلافات السياسية، خاصة تلك المتعلقة بالقضايا الفلسطينية، لضمان استدامة أي اتفاقيات مستقبلية.