في مواقف معينة، قد يلجأ البعض للحلف على المصحف كوسيلة للخروج من مأزق أو تبرئة نفسه من اتهام، دون أن يدرك خطورة ما يفعله، حيث اعتبر العلماء هذا الفعل من اليمين الغموس، وهو من أعظم الذنوب لأنه "يغمس" صاحبه في نار جهنم.
مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أوضح أن الحلف بالمصحف أو بآية من القرآن يُعد من أنواع اليمين المنعقدة، أي التي يُحاسب عليها الإنسان ويُلزم بالكفارة إذا حنث فيها. أما عن الكذب عند الحلف، فقد حذر منه النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وقال: "لا تحلفوا إلا بالله"، ودعا لعدم استخدام اسم الله في كل موقف دون ضرورة، مستشهدًا بقوله تعالى: "ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم".
وفي هذا السياق، قال الشيخ علي فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الحلف على المصحف يستلزم أمانة تامة في نقل الوقائع، خصوصًا إذا كان الأمر متعلقًا بمسائل حساسة تمس الآخرين. وأشار إلى أن ذكر التفاصيل بدقة شرط أساسي عند الحلف، لأن إغفال بعض الحقائق، إذا كانت جوهرية، قد يخلق مشكلات دينية.
وأكد الشيخ علي فخر أن الحلف بهدف الإصلاح، كالتقريب بين زوجين، لا يجوز أن يكون مبنيًا على الكذب، بل يجب أن يكون منضبطًا بالصدق والنقل الأمين للواقع. وبيّن أن النية الطيبة لا تبرر الكذب، خاصة إذا كانت التفاصيل المؤثرة في القضية سيتم إخفاؤها.
وشدد أيضًا على ضرورة الحذر في استخدام الحلف، موضحًا أن الإفراط في طلب الحلف من الآخرين غير محمود، وينبغي ألا يُطلب الحلف إلا في حالات رسمية، مثل الشهادة أمام القضاء أو في سياقات التحقيقات الرسمية. وأضاف أن احترام خصوصية الناس وتجنب إحراجهم بطلب الحلف دون ضرورة هو الأفضل.
وفي النهاية، اتفق العلماء على أن الحلف بالمصحف، سواء في خلافات زوجية أو غيرها، لا يُباح الكذب فيه، حتى لو كانت النية صالحة، لأن الكذب لا يكون أبدًا وسيلة للإصلاح المشروع.
