آراء، مجرد آراء، أو وجهات نظر، عن أوضاع مصر ودول أخرى، بعضها شديد السطحية، ولن نقول شديد التفاهة، وغالبيتها تستند إلى معلومات مغلوطة، أبداها ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأمريكى للشرق الأوسط، خلال حوار مع مقدّم برامج يمينى، لكنه فى اتصال تليفونى، مع وزير خارجيتنا، أثنى على الدور المصرى المهم والمحورى فى سبيل تحقيق الأمن والسلام والاستقرار بالمنطقة، وأشاد بدور مصر فى محاولة تثبيت وقف إطلاق النار فى قطاع غزة.
الآلة الدعائية للأعداء، وأبواقها فى الداخل، حمّلت آراء، أو هراء، مبعوث الرئيس الأمريكى أكثر بكثير مما تحتمل، وأعماها الغرض والمرض، عن مزاعم كثيرة كارثية، من بينها اتهامه المقاومة الفلسطينية بارتكاب «اغتصابات جماعية»، و«قطع رءوس إسرائيليين»، وبشاعات وجرائم قال إنها تفوق كل ما رآه فى حياته. كما أعماها، أيضًا، عما ذكره عن إمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووى الإيرانى، أو تأكيده أن أحمد الشرع، أبومحمد الجولانى، صار مختلفًا تمامًا عمّا كان عليه، أو دفاعه المتهافت عن قطر فى مواجهة تشكيكات اليمين الإسرائيلى المتطرف فى دوافعها، أو وصلات الغزل، غير العفيف، غير القابلة للتصديق، التى قالها أو نقلها عن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين!
بالتزامن، وبينما كان بعض الطيبين أو المغيبين، هنا وهناك، ملهيين، أو واقعين تحت تأثير محاولات أعداء الداخل والخارج لاستثمار آراء، أو هراء، المستثمر أو المطور العقارى، الذى صار المبعوث الأمريكى للمنطقة، مستخدمين وسائل عربية أو غربية، تحت مستوى الشبهات، كانت وزارة الدفاع الإسرائيلية تعلن عن إنشاء إدارة خاصة مهمتها السماح للفلسطينيين بمغادرة قطاع غزة «طوعًا»، إلى بلدان أخرى، دون أن تسمّيها. وهو القرار الذى وافق عليه، لاحقًا، مجلس الوزراء الأمنى لدولة الاحتلال، ورآه البعض خطوة على طريق ضم الضفة الغربية المحتلة، بينما ندّدت به منظمة «السلام الآن» الحقوقية الإسرائيلية، وقالت إنه «يعد واحدة من أغبى الخطوات التى تتخذها حكومة بنيامين نتنياهو».
وسط هذه المعجنة، وفى إطار الاتصالات الدورية بينهما، لتناول العلاقات الاستراتيجية، و«المتميزة»، بين مصر والولايات المتحدة، ناقش الدكتور بدر عبدالعاطى، وزير الخارجية والهجرة، مع «ويتكوف»، فى اتصال أمس الأول الإثنين، التليفونى، الجهود المصرية الأمريكية القطرية لإطلاق سراح الرهائن والتوصل إلى التهدئة وخفض التصعيد وتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار وتنفيذه. كما تم التأكيد على ضرورة مواصلة العمل المشترك من أجل تحقيق الأمن والسلام والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط، تجسيدًا لرؤية إدارة الرئيس ترامب بضرورة إنهاء ما يزيد على ٧٠ سنة من الصراعات والحروب بالمنطقة.
غالبًا، أو على الأرجح، أراد وزير خارجيتنا تصحيح المعلومات المغلوطة، التى بنى عليها مبعوث الرئيس الأمريكى آراءه، ولن نقول هراءه، عن أوضاع مصر الاقتصادية، فأحاطه علمًا بعملية التحديث والتطوير الشاملة التى تشهدها الدولة، تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، والإنجازات العديدة التى تحققت فى هذا الإطار على مدار السنوات الأخيرة، فى ضوء ما تعكسه المؤشرات الكلية الإيجابية للاقتصاد المصرى، والذى كان محل إشادة من المؤسسات الدولية المختلفة وعلى رأسها صندوق النقد الدولى.
.. وتبقى الإشارة إلى أن مصر أعربت عن إدانتها الشديدة لإعلان إسرائيل عن إنشاء وكالة تستهدف تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، والمصادقة على الاعتراف بـ١٣ مستوطنة جديدة فى الضفة الغربية، وأكدت، فى بيان أصدرته وزارة الخارجية، انتفاء أساس ما يسمى «المغادرة الطوعية»، التى يدعى الجانب الإسرائيلى استهدافها من خلال تلك الوكالة، مشددة على أن المغادرة، التى تتم تحت نيران القصف والحرب وفى ظل سياسات تمنع المساعدات الإنسانية وتستخدم التجويع كسلاح، تُعد تهجيرًا قسريًا، وجريمة ومخالفة بموجب القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى. كما دعت مصر المجتمع الدولى ومجلس الأمن إلى تبنى وقفة حازمة تجاه تلك الخروقات والاستفزازات الإسرائيلية المستمرة، والتحلى بالجدية والحسم اللازمين، لتطبيق مقررات الشرعية الدولية واستعادة حقوق الشعب الفلسطينى وعلى رأسها حقه فى تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على خطوط ٤ يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.