في المجتمعات المنغلقة التي لا ينال أهلها حظا وفيرا من التعليم، يعلو في هذا العالم صوت السلطة الذكورية فوق كل مشاعر، يصبح الحب – حتى وإن كان صادقًا – معركة غير متكافئة، وهذا ما يعكسه مسلسل ظلم المصطبة من خلال علاقة "حسن" و"هند"، الثنائي الذي أراد فقط أن يحب، لكن الواقع كان أقسى من الرغبة.
"ظلم المصطبة" لم يقدّم قصة حب تقليدية، بل رسم علاقة تختنق بين قيود المجتمع، وضغط التقاليد، وخوف الشخصيات من مواجهة أنفسهم قبل مواجهة الآخرين.
حسن.. حين لا تكفي الطيبة لإنقاذك
"حسن" ليس سيئًا بالعكس، هو مثال للرجل الطيب، المتفهم، الصادق، لكنه أيضًا متردد، يخاف من المواجهة، وربما يفتقد الشجاعة حين يكون الحب في حاجة للحماية.
في مجتمعات مثل تلك التي يرسمها المسلسل، الطيبة وحدها لا تكفي، من لا يرفع صوته، يُبتلع، ومن لا يُدافع عن حبه، يخسره.
حين أحب "هند"، أحبها في داخله فقط، لم يُعلن، لم يُقاتل، لم يُجاهر، ومع كل خطوة كان يجب أن يتقدم فيها، تأخر. فخسرها.
"هند".. امرأة تبحث عن الأمان لا الفارس
على الطرف الآخر، "هند" ليست البطلة الحالمة التي تنتظر من يُنقذها. هي امرأة واعية، تعرف جيدًا ماذا تريد: حياة مستقرة، احترام، وشريك لا يخذلها، ولكنها كانت محاصرة. بعائلتها، بخوفها، بنظرات الآخرين، ورغم ذلك، كانت تملك الجرأة لتتمسك بحقها في الحب، في الاحترام، في الحياة.
المشكلة لم تكن في "هند" ولا في "حسن"، بل في المسافة التي لم ينجحا في قطعها نحو بعضهما، وهو خاف من المجتمع، وهي تعبت من الانتظار.
مجتمع لا يمنح الحب فرصة
العلاقة بين "هند" و"حسن" ما كانت لتفشل لولا أن المجتمع نفسه لم يكن عادلًا معهما، رجل مثل "حمادة" – المتسلط، القاسي – هو النموذج الذي تُكافئه العائلة، بينما يُنظر إلى "حسن" باعتباره الضعيف، رغم نُبله.
والمرأة التي ترفع صوتها، حتى لو بالدفاع عن كرامتها، تُوصم بأنها "ناقمة"، بينما المتقبلة للإهانة تُوصف بأنها "حكيمة"، وكأن النساء كتب عليهن الصمت.
وسط هذه المعايير المختلة، لا يُمنح الحب فرصة للنضج. بل يُكتم، يُدفن، أو يُختنق تحت وطأة الحسابات الاجتماعية.
هل فشل الحب؟ أم فشل الاثنان في حمايته؟
السؤال الأهم هنا لا يتعلق فقط بما فعله كل من "هند" و"حسن"، بل بما لم يفعلاه.
هل كانت "هند" قاسية لأنها انسحبت في لحظة كان يمكن أن تنتظر؟ هل كان "حسن" جبانًا لأنه تأخر في إعلان موقفه؟ أم أن كل منهما ضحية لزمن لا يُعطي للعاطفة حقها في الظهور؟ ربما الحقيقة خليط من كل ذلك.
مشاهد تُلخّص الأزمة بأكملها
عندما نظرت "هند" إلى "حسن" وقالت: "كنت محتاجاك تقف معايا، مش تسألني أروح فين."
وعندما وقف "حسن" أمام أخيه دون أن ينبس بكلمة، رغم أن كل شيء كان ينهار أمامه.
هذه اللحظات ليست مجرد تمثيل… إنها مرآة لما نراه كثيرًا: حبٌّ يضيع لأن أحدهم خاف أن يتحمّل مسؤوليته، والآخر لم يَعُد لديه ما ينتظر.
الحب ليس دائمًا كافيًا
"ظلم المصطبة" لا يُدين أحدًا، لكنه يكشف واقعًا نعيشه كل يوم.
النية الطيبة لا تكفي. والمشاعر وحدها لا تحمي. الحب يحتاج لمن يعلنه، يدافع عنه، يقف في وجه من يحاول سحقه، "حسن" و"هند" أحبا بصدق. لكن في مجتمع لا يُكافئ الحب، لم يكن ذلك كافيًا.