بدأت العشر الأواخر من رمضان، وبدأ التساؤل حول كيفية صلاة التهجد في البيت للمرأة، خاصة مع انشغال المرأة في أعمال المنزل والتزامها بحقوق شرعية تجاه الزوج، إلى جانب رعايتها للأبناء، فإن لم يكن الزوج قد اعتكف وتفرغت هي للعبادة، فكيف يمكنها أداء صلاة التهجد في بيتها وهل لها الحق في النزول إلى المسجد لأدائها؟. عبر القاهرة 24 نوضح للقراء كيفية صلاة التهجد في البيت للمرأة، وما الشروط الواجبة عليها، وما التصرف إن رغبت في التهجد بعد أن تصلي الوتر؟.
كيفية صلاة التهجد في البيت للمرأة
ليس هناك اختلاف بين كيفية صلاة التهجد في البيت للمرأة وصلاة التهجد للرجل، إلا أن الاختلاف يكون في حالة واحدة، وهو كون المرأة زوجة ويلزمها إذن زوجها منعًا للتعارض مع حقوقه المشروعة، وهذا ما اتفق عليه العلماء، كما اتفقوا على أن المرأة لها الحق في الخروج إلى المنزل لصلاة التراويح بعد إذن زوجها.
وحول كيفية صلاة التهجد في البيت للمرأة، فتكون صلاة التهجد في الفترة من بعد صلاة العشاء وحتى أذان الفجر، وأفضل وقت لها هو الثلث الأخير من الليل، أي قبل أذان الفجر بنحو 3 ساعات، فإذا رغبت المرأة في صلاة التراويح والتهجد، صلت العشاء والتراويح دون وتر، وتنام وقتًا قصيرًا ثم تستيقظ لتصلي التهجد، ركعتين ركعتين بالعدد الذي تستطيعه، ثم تصلي الوتر.
ويستحب التهجد بـ11 ركعة، مع جواز أن تقل أو تزيد عدد ركعات صلاة التهجد عن هذا العدد بحسب قدرة كل مسلم وظروفه، فقد قال الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم “وَمِنَ ٱلَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِۦ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰٓ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا”، ويجوز للمرأة صلاة العشاء وتأجيل قيام الليل بعد نومة قصيرة لتتهجد دون الالتزام بالتراويح وإن كانت صلاتها أفضل وأكثر ثوابًا.
يقول الشيخ عويضة عثمان أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن صلاة المرأة في البيت بشكل عام أفضل لها، وستحصل على أجر أعظم من أجر المسجد، حيث بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن أفضل صلاة للمرء تكون في بيته، باستثناء الصلاة المكتوبة (الفريضة)، وهذا ينطبق أيضًا على السنن بالنسبة للرجل، فمن الأفضل أداؤها في البيت.
وأوضح أنه من فوائد الصلاة للرجل في البيت فيما يتعلق بالنوافل، أنك لا تجعل بيتك أشبه بالمقابر، حيث لا يُصلى في المقابر، كما أن أداء الصلاة في البيت يجعل أولادك وزوجتك يقتدون بك عندما يرونك تصلي.
أما بخصوص صلاة التراويح للمرأة، فقال أمين الفتوى أنه إذا ذهبت المرأة للمسجد لأدائها فهي مأجورة إن شاء الله، وإذا صلت في البيت فلها نفس الأجر، بل قد يكون أكثر. والأهم من ذلك هو أن تنشط المرأة للصلاة، فإذا كان ذهابها للمسجد يشجعها على الاستمرار في الصلاة فلا بأس بذلك، مع اشتراط إذن الزوج للخروج إلى المسجد.
ويُجمع أهل العلم على أن المرأة تخرج إلى صلاة القيام في المسجد بإذن زوجها، وهو ما يتطلب منه الإذن لها بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد فأذنوا لهن”، وأيضًا قوله صلى الله عليه وسلم “لا تمنعوا إماء الله مساجد الله”، أما للمرأة غير المتزوجة فيسقط شرط إذن الزوج، ولكن يلزمها أن تأمن نفسها الاختلاط مع الرجال سواء في الطريق إلى المسجد أو العودة منه.
كيفية صلاة التهجد بعد الوتر
وحول كيفية صلاة التهجد بعد الوتر، لمن نسيت وصلت الوتر عقب صلاة العشاء أو التراويح، بينت دار الإفتاء المصرية في فتوى رسمية لها، أن المسلم متى استيقظ من ليلته وأرد أن يُصلِّي شيئًا من قيام الليل بعدما نام على وترٍ؛ فإنه يجوز له ذلك من غير حاجة إلى أن يشفع الوتر الذي أتي به أول الليل بركعة، ولا يلزم أن يأتي بوترٍ آخر بعد الانتهاء من الصلاة.
ومن جهته، أوضح الدكتور علي فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، كيفية صلاة التهجد في البيت للمرأة، عبر بيان صفة الوتر، فقال إن صلاة الوتر تختلف في كيفيتها بين المذاهب، فعند الشافعية تُصلى الوتر ركعتين متصلتين بتسليمة واحدة، ثم ركعة منفردة بتسليمة منفصلة، أي مجموع ثلاث ركعات منفصلة (ركعتان + ركعة).
أما عند الأحناف فتصلى الوتر بطريقة مختلفة، حيث تكون ثلاث ركعات متصلة بتسليمة واحدة، ويتم التشهد في المنتصف بعد الركعة الثانية، ثم التشهد مرة أخرى في النهاية بعد الركعة الثالثة، فتشبه في هيئتها صلاة المغرب.
وحول الفرق بين صلاة الوتر وصلاة المغرب، أوضح أمين الفتوى أن هناك فرقًا مهمًا بينهما، ففي صلاة المغرب تكون قراءة سورة بعد الفاتحة في الركعتين الأوليين فقط بتشهد أوسط، أما في الركعة الثالثة فتُقرأ الفاتحة فقط بتشهد أخير. بينما في صلاة الوتر تكون قراءة سورة قصيرة بعد الفاتحة في الركعات الثلاث جميعها بتشهد أوسط وأخير أيضًا.
وقال عن كيفية أداء التهجد بعد الوتر، أن هناك مبدأ أساسي في هذا الموضوع وهو أن أي عدد فردي بعد فردي يصبح زوجيًا؛ فإذا صلى الإنسان الوتر ثم نام وأراد أن يقوم الليل أو يتهجد، فهناك حلان يمكن اتباعهما:
- الحل الأول يكون بأن من صلى الوتر ثم أراد التهجد، فليبدأ بركعة واحدة؛ وذلك لأن إضافة ركعة واحدة إلى الوتر السابق ستجعل المجموع ركعتين (عددًا زوجيًا)، وهذا يكون بمثابة قيام ليل وليس وترًا، ثم بعد الانتهاء من التهجد يختم صلاته بركعة وتر أخرى.
- أما الحل الثاني فهو تأجيل صلاة الوتر إلى آخر صلاة قبل الفجر. فيصلي العشاء، ثم التراويح، ثم يأخذ راحة قصيرة من النوم، وبعدها يقوم للتهجد، وبعد انتهائه من التهجد يصلي الوتر. وبهذه الطريقة يحافظ على كون آخر صلاته في الليل وترًا، كما هو مستحب.
