بعد سنوات طويلة من التألق فى تقديم الشخصيات الكوميدية وتقليد الشخصيات، قرر الفنان محمود عزب كسر القالب المعتاد، ليفاجئ الجمهور بدور درامى استثنائى فى مسلسل «قلبى ومفتاحه».
المسلسل الذى عُرض فى النصف الأول من الموسم الدرامى الرمضانى الحالى، وحقق نجاحًا كبيرًا، مثّل للفنان القدير فرصة لإبراز قدراته التمثيلية الكبيرة، بعيدًا عن الكوميديا، وهو ما انعكس فى ردود الأفعال القوية التى أشادت بأدائه العفوى والمتقن لشخصية «عم نصر». فى الحوار التالى مع «الدستور» يكشف محمود عزب عن كواليس ترشيحه للدور، وكيف أقنعه المخرج تامر محسن بخوض مغامرة الانتقال من الكوميديا للدراما، إلى جانب تحضيراته للشخصية، وتعاونه مع صديقه القديم أشرف عبدالباقى، وبطلى العمل آسر ياسين ومى عزالدين.
■ هل توقعت كل ردود الأفعال الإيجابية هذه على دورك فى مسلسل «قلبى ومفتاحه»؟
- بصراحة، لم أتخيل كل ردود الأفعال هذه. أنا لست متابعًا قويًا لـ«السوشيال ميديا»، وكل تركيزى كان على الدور، لكن وصلنى سيل من التعليقات الإيجابية التى لم أتوقعها قبل بدء التصوير، رغم أننى كنت متأكدًا من النجاح، لأننى أعمل مع مخرج لا يغامر باختياراته، ويوجه الممثل دائمًا إلى الطريق الصحيح، لكن بصراحة النتيجة النهائية فاقت كل توقعاتى.
■ كيف تم اختيارك لتجسيد شخصية «عم نصر»؟
- الأستاذ تامر محسن أخبرنى بأنه كان هناك ١٧ ممثلًا مرشحين لدور «عم نصر»، وكانت أمامه قائمة بكل هذه الأسماء، لكنه عندما رأى صورة لى قال دون أى تردد: «هو ده الشخص اللى أنا كاتبه»، بعدها تواصلوا معى، وقابلت المخرج شخصيًا، ومن هنا بدأت رحلتى مع شخصية «عم نصر».
■ هل توقعت أن يكون الدور نقلة مختلفة تمامًا عن أعمالك السابقة؟
- حققت نجاحًا كبيرًا فى الكوميديا، فهذا الإطار الذى عرفنى به الجمهور. لكن هذه التجربة مختلفة تمامًا، وأعطتنى الفرصة للاستمتاع بالتمثيل بشكل جديد، بعيدًا عن الكوميديا، من خلال شخصية مختلفة تمامًا عنى فى الواقع، سواء فى طريقة الحديث أو التصرفات. والأستاذ تامر محسن هو صاحب الفضل الحقيقى فى هذه النقلة التى لم أكن أحلم بها.
■ كيف استعددت لتقديم الشخصية إذن؟
- عندما تواصل معى فريق الإنتاج وقالوا لى: «الأستاذ تامر محسن يريد مقابلتك»، لم أتوقع حجم الدور أو طبيعته، وعندما جلست معه، فاجأنى بسؤال مباشر: «عندك مانع إنك ما تضحّكش الناس خالص؟» فأجبته فورًا: «بالعكس، طول حياتى كلها أتمنى أعمل دراما وتراجيدى».
كان علىّ أن أعيش الشخصية بكل تفاصيلها، لم تكن تشبهنى فى شىء، لا فى طريقة الكلام، ولا حتى فى أسلوب الحركة، كنت أشعر بأننى دخلت فى الشخصية بالكامل، حتى أصبحت جزءًا منى خلال التصوير.
■ ألم تتخوف من كونك ممثلًا كوميديًا مطلوبًا منك أداء جاد تمامًا؟
- هذا كان التحدى الأكبر! الجمهور معتاد على رؤيتى فى أدوار كوميدية، لكنى هنا ألعب دور رجل فى الخامسة والستين من عمره، يحمل مشاعر حب بطريقة غير متوقعة، لم يكن مطلوبًا منى أى حركة كوميدية أو انفعال مضحك، بل شخصية راكزة تمامًا، وكان على المخرج أن يتأكد من أننى لن أنحرف عن هذا الإطار. وأؤكد أنه لم يكن لدى أى تخوف من حصرى فى هذه النوعية من الأدوار، وأن هناك دائمًا إمكانية لتقديم شخصيات صاحبة سن أصغر.
■ كيف كان توجيه المخرج لك أثناء التصوير؟
- الأستاذ تامر محسن مخرج لديه حساسية عالية جدًا تجاه التفاصيل، لأنه هو نفسه كاتب السيناريو، لذا كان دقيقًا فى كل مشهد، ويفصل بين المؤلف والمخرج، رغم أنه الشخص نفسه. كان يوجهنى بدقة، وعندما أضيف شيئًا من عندى، يقول لى: «لا، مش عايزينها تطلع كده، عايزينها بالشكل ده»، ورغم أن الفارق بين الرؤيتين بسيط جدًا، كان جوهريًا.
وبعد تصوير بعض المشاهد، جاءنى الأستاذ تامر وقال لى: «الناس بتحبك قوى»، وهذا كان أكبر دليل بالنسبة لى على أننى أسير فى الاتجاه الصحيح، وأن الشخصية وصلت إلى الجمهور كما أرادها.
■ هل هناك تفاصيل معينة عملت على إبرازها فى شخصية «عم نصر»؟
- كنت أقف أمام المرآة وألعب فى وجهى لأبرز التجاعيد وأجعل ملامحى تبدو أكبر سنًا، كنت أعى تمامًا أننى أقدم شخصية رجل عجوز معجون بالحياة، ولم أرغب فى تغيير هذه الصورة أبدًا. الأمر لا يتعلق بالمذاكرة أو «الشطارة» فقط، بل هو شىء من عند ربنا، هناك أشياء تأتى بالفطرة والخبرة، ولا يمكن صناعتها، فالتعايش مع الشخصية هو الأهم.
■ أكان لخبرتك فى تقليد الشخصيات دور فى تقديم «عم نصر» بهذا الشكل المميز؟
- بالطبع، أنا معتاد على تقديم شخصيات متنوعة، وهذا ساعدنى كثيرًا. طوال مسيرتى قدمت نحو ٨٠ شخصية، وفى أحد برامجى فقط «قلة مندسة» جسدت ٤٥ شخصية مختلفة، هذا جعلنى أمتلك القدرة على استلهام تفاصيل معينة من الشخصيات السابقة، دون أن أقلد أيًا منها بشكل مباشر. وأريد الإشارة هنا إلى أننى لم أكن أعرف الشكل النهائى للشخصية قبل الوقوف أمام الكاميرا، كنت أضع المكياج وأقف أمام الكاميرا، وهناك فقط كنت أتحول تمامًا إلى الشخصية.
■ «عم نصر» صاحب محل فول وطعمية.. هل كان لذلك استعدادات خاصة؟
- نعم، ذهبت إلى مطعم طعمية، وتعلمت كيفية قليها وإخراجها من «الطاسة» بطريقة احترافية، كنت أريد أن أكون «صنايعيًا» حقيقيًا على الشاشة، حتى إن طاقم العمل كان يأكل الطعمية التى كنت أقليها من شدة إتقانها وجودتها.
■ كيف كانت تجربتك فى العمل مع صديقك الفنان أشرف عبدالباقى؟
- أنا وأشرف عبدالباقى نعرف بعضنا البعض منذ زمن طويل، وهذا جعل بيننا «كيمياء» خاصة فى المشاهد. أول مشهد لى فى المسلسل كان زواج «الشناوى» من «مهجة»، وهو مشهد محورى فى القصة وحساس جدًا، لأنه يقدم ملامح الشخصية للمرة الأولى للجمهور، والحمد لله، وفقنا فى تقديمه بالشكل المطلوب.
علاقتى بـ«أشرف» قوية جدًا، وهو إنسان رائع على المستوى الشخصى، وكنت سعيدًا بالعمل معه، لأنه جعل البداية أسهل بالنسبة لى، فلو كنت بدأت مع ممثل آخر ربما كانت الأمور ستكون أصعب، لكن مع «أشرف» كان هناك تفاهم وانسجام كبير. كما أن التعاون مع آسر ياسين ومى عزالدين كان مميزًا للغاية، فهما نجمان كبيران، وطريقة تمثيلهما مميزة جدًا وأحببتها من كل قلبى.
■ ما أكثر تعليق أسعدك على أدائك فى المسلسل؟
- قالوا لى: «إحنا شمينا ريحة الطعمية وإنت بتمثل»، وهذا أسعدنى جدًا، لأنه يعنى أننى اندمجت فى الشخصية بشكل كامل، لدرجة أن الجمهور شعر بتفاصيلها وكأنها حقيقية تمامًا.
■ هل نجاح الشخصية بهذه الصورة يجعلك ترغب فى العودة إلى التمثيل بقوة؟
- بالتأكيد، النجاح بهذه الطريقة، من خلال شخصية مختلفة تمامًا عن أى شىء قدمته من قبل، أعاد لى شغفى بالتمثيل، وشعرت بأننى أريد تقديم المزيد من الأدوار المتنوعة، والخروج من القالب الذى كنت محصورًا فيه لفترة طويلة.
■ هل تفكر فى التوسع والانتشار بشكل أكبر فى الفترة المقبلة إذن؟
- بالتأكيد، أشعر بأن لدى الكثير لأقدمه، خاصة بعد تأكيد المخرج نفسه على قدراتى. أنا أمارس الفن منذ خمسين سنة، وكنت أُصفق لأدائى منذ طفولتى، ليس فقط لأننى كنت صغيرًا، بل لأننى كنت أحب التمثيل وأجيده. أى فنان يقول إنه يريد إسعاد الجمهور، لكن بالنسبة لى أنا أذهب إلى العمل لأمتع نفسى أولًا، أفكر فى تفاصيل الشخصية، كيف سأتحدث، كيف سأتصرف، كيف سيكون أدائى، وأعيش التجربة بكل تفاصيلها. أنا سعيد لأننى استطعت أن أقدم الكوميديا فى وقت لم يكن الضحك سهلًا فيه، ثم انتقلت إلى الدراما بشكل مختلف. هذه النقلة مهمة جدًا بالنسبة لى، وأحببت أن أكون جزءًا منها.