أكد أحمد زكارنة، الباحث والمحلل السياسي الفلسطيني، أن الخطة المصرية بشأن إعادة إعمار غزة أصبحت الآن خطة عربية شاملة، تحظى بدعم إقليمي ودولي كبير، بعد أن تم تبنيها من قبل الدول العربية، مشيرا إلى أن مدى التمسك العربي واصرار الدول العربية على تنفيذ هذه الخطة سيكون العامل الحاسم في نجاحها.
وأوضح أحمد زكارنة أن نجاح الخطة المصرية بشأن غزة يتوقف على عدة عوامل أساسية، أبرزها تمسك الدول العربية بهذه الخطة.
أحمد زكارنة: مصر تصر على نجاح خطة غزة
وأوضح زكارنة في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن أحد المؤشرات الدالة على هذا التمسك هو الإعلان المصري الأخير عن تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة، بالإضافة إلى تأكيد مصر على نشر الشرطة الفلسطينية التابعة للسلطة الوطنية في القطاع. وهو ما يعكس إصرارًا عربيًا على تحقيق الخطة وفرض واقع جديد بعد سنوات من الانقسام.
وفي السياق ذاته، أشار زكارنة إلى أن الموقف الأمريكي سيكون له دور كبير في تحديد مصير الخطة. وأكد أن التحالف الدولي الذي تقوده المملكة العربية السعودية قد بدأ في تحريك المياه على جبهة دعم الخطة، حيث نشطت محاولات لتشكيل جبهة عريضة من الدول الأوروبية لدعم الخطة المصرية.
وفي هذا الصدد، أشار زكارنة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية ما زالت تعمل على مشروع التهجير، الذي يعتبر تهديدًا حقيقيًا لمستقبل الفلسطينيين في غزة والضفة، مما يزيد من أهمية وجود بديل واضح وواقعي مثل الخطة المصرية.
وشدد زكارنة على أن أبرز بنود الخطة المصرية هو تقديم بديل حقيقي عن مشروع التهجير الإسرائيلي، وهو أمر بالغ الأهمية في الوقت الراهن. كما أن أحد البنود الأساسية للخطة هو التأكيد على ضرورة عودة منظمة التحرير الفلسطينية لتولي إدارة قطاع غزة، وهو ما يعد خطوة أساسية لضمان وحدة الجغرافيا والديموغرافيا الفلسطينية، والعمل على تحقيق الحل السياسي العادل عبر العودة إلى حل الدولتين.
زكارنة: مؤتمر المانحين سيكون داعم للخطة المصرية بشأن غزة
وفيما يتعلق بمؤتمر المانحين، أعرب زكارنة عن تفاؤله بنجاح المؤتمر في جمع الدعم اللازم لإعادة إعمار غزة، مؤكدًا أن الدعم العربي الكبير والتقاطع السياسي بين الخطة المصرية وحل الدولتين سيشكلان عوامل أساسية في نجاح المؤتمر. وأوضح أن العديد من الدول الأوروبية، مثل النرويج وإسبانيا، التي استثمرت طويلًا في مشاريع السلام، ستسعى إلى العودة إلى المنطقة عبر دعم مشاريع إعادة الإعمار والجهود السياسية التي تسعى إلى فتح آفاق الحل السياسي.
وتوقع زكارنة أن يكون مؤتمر المانحين في مرحلته الأولى بداية قوية لدعم الخطة المصرية، وأنه سيمهد الطريق للمرحلة التالية التي ستتطلب مزيدًا من التنسيق العربي والدولي لضمان نجاح الخطة على الأرض.
وأكد أحمد زكارنة، أن دعم هذه الخطة يجب أن يكون محكومًا أولًا بالتمسك بالقانون الدولي وحقوق الشعب الفلسطيني التي أُقرت في الجمعية العامة للأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية. وأوضح أن القرارات الدولية، مثل القرار 242 والقرار 338، والتي تدعو إلى احترام حقوق الفلسطينيين، تشكل الأساس القانوني الذي ينبغي أن يعتمد عليه المجتمع الدولي في دعم خطة إعادة الإعمار.
وأشار زكارنة إلى أن الدعم الدولي لا يجب أن يقتصر على الأبعاد السياسية والحقوقية فحسب، بل يجب أن يمتد إلى اتخاذ إجراءات عملية ضد دولة الاحتلال، التي تواصل خرق القانون الدولي يومًا بعد يوم.
وأوضح أن إسرائيل ترفض احترام القرارات الدولية وتستمر في انتهاكها للقوانين التي أُسست على أساسها القرارات الأممية، مثل القرار 181 الذي ينص على إقامة دولة فلسطينية. ودعا زكارنة المجتمع الدولي، خاصة في ظل ما وصفه بـ"إبادة مستمرة" يتعرض لها الفلسطينيون، إلى أن يتحمل مسؤوليته الأخلاقية والسياسية في وقف هذه الانتهاكات.
وتطرق زكارنة إلى "السردية الإسرائيلية الزائفة"، مؤكدًا أن المجتمع الغربي بات يدرك تمامًا أن الرواية الفلسطينية هي الحقيقة، وأن الشعب الفلسطيني هو الذي يجب أن يُدعم في نضاله من أجل حقوقه. ولفت إلى أن هذه الحقيقية يجب أن تجد صدى في سياسات الدول الغربية التي طالما وقفت إلى جانب السردية الإسرائيلية.
زكارنة: إسرائيل تريد تهجير الشعب الفلسطيني وإجهاض إعادة الإعمار
أما عن موقف الاحتلال الإسرائيلي من خطة إعادة الإعمار، أوضح زكارنة أن السبب الرئيسي وراء معارضة إسرائيل لهذه الخطة يكمن في أنها تتناقض مع أهدافها التوسعية والمتمثلة في تطهير الأرض الفلسطينية. وأشار إلى أن خطة التهجير، التي تدعي إسرائيل أنها "تهجير طوعي"، هي في الحقيقة خطة تطهير عرقي تهدف إلى إفراغ الأراضي الفلسطينية من سكانها الأصليين، وهو ما ترفضه خطة إعادة الإعمار المصرية التي تسعى إلى بناء غزة دون تهجير السكان.
وأوضح زكارنة أن الحكومة الإسرائيلية الحالية المتطرفة، تسعى لتحقيق "إسرائيل الكبرى"، وهو مشروع يتجاوز الحدود الفلسطينية ليشمل مناطق في سوريا ولبنان.
وأضاف أن إسرائيل تحاول خلق بيئة طاردة للفلسطينيين في الضفة الغربية، خاصة فيما يتعلق بالتركيبة الديموغرافية، مما يجعلها ترفض أي خطة قد تؤدي إلى إعادة البناء السياسي والاقتصادي في المنطقة، مثل خطة إعادة الإعمار التي تفتح الأفق للعودة إلى حل الدولتين.
وأكد زكارنة أن لا أحد قد قدم بديلًا حقيقيًا لخطة إعادة الإعمار المصرية. وأشار إلى أن الخطة الوحيدة التي قدمها الرئيس الأمريكي السابق ترامب كانت خطة التهجير، وهي "غير قابلة للتنفيذ" ولا تتماشى مع الواقع. ورغم كل محاولات الضغط والتأثير، وشدد زكارنة على أن الشعب الفلسطيني سيظل صامدًا على أرضه، مشيرًا إلى أن الفلسطينيين، بما فيهم الأمهات والأطفال والشيوخ، هم الذين يمثلون جوهر الصمود في مواجهة الاحتلال والمجتمع الدولي الذي يحاول محاربتهم.
وأكد زكارنة أن حركات المقاومة قد قامت بدورها في التصدي للاحتلال، لكن الصمود الحقيقي يتمثل في الشعب الفلسطيني الذي ظل متماسكًا على أرضه منذ مئة عام.