بعد ساعات من إشادة صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية بالخطة العربية للتعافي المبكر وإعادة إعمار وتنمية قطاع غزة، التي طرحتها مصر في القمة العربية غير العادية الأخيرة، وأيدتها الدول العربية والإسلامية، فضلا عن الدعم الأوروبي.. أكدت قيادات حزبية أردنية أن هذا يعد تتويجا للجهود التي قامت بها مصر نحو وضع خطة تحقق التوافق بين الأطراف كافة؛ دون الضرر لسكان القطاع وللقضية الفلسطينية بوجه عام، مشيرين إلى أن اهتمام الإعلام الأمريكي والدولي بتفاصيل الخطة وحثه على ضرورة تعاطي الإدارة الأمريكية معها؛ يمثل نجاحا مطلقا لهذه الجهود المصرية الأردنية العربية ودعم كبير للدور المصري الذي أعد هذه الخطة.
وقالت قيادات الأحزاب الأردنية - في تصريحات لمدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط بعمان - إن حرص الإعلام الأمريكي على تناول الخطة وجعلها موضوعا رئيسيا؛ يمثل رسالة إلى الرأي العام الأمريكي والعالمي بأن الدول العربية قدمت اقتراحا للإدارة الأمريكية، ويجب العمل على تنفيذه، مشددا على أن الجهد المصري والأردني والعربي، لم يتوقف منذ اعتماد القمة العربية الأخيرة بالقاهرة هذه الخطة.
واعتبر الدكتور فوزان العبادي أمين عام حزب النهج الجديد الأردني، أن إشادة وسائل الإعلام الغربية بشكل عام، والأمريكية بشكل خاص؛ وعلى رأسها صحيفة "واشنطن بوست"، بالخطة المصرية لإعمار غزة - المدعومة عربيا - تأتي في إطار "وسائل الضغط" على الإدارة الأمريكية لقبول الخطة؛ خاصة بعد الجهود الجبارة التي قامت بها كل من جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية في إفشال مخطط التهجير ووضع الموقف العربي المشترك في مواجهة الاقتراحات الأمريكية والمحاولات الإسرائيلية.
ولفت العبادي إلى أن القرار العربي المشترك جاء في وقت حساس للغاية؛ وبعد التحركات السياسية والدبلوماسية الكبيرة التي قام بها كل من السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي وأخيه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني؛ خصوصا لقائه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ ليوجه خلال اللقاء بوصلة القرار نحو القمة العربية؛ مما أكد التناغم الكبير بين الموقفين المصري والأردني.
ونوه بأن الجهد المصري والأردني والعربي وتقرير صحيفة "واشنطن بوست"، وضع الإدارة الأمريكية في موقف لا تستطيع معه رفض هذه الخطة بعد أن كانت تدعي اهتمامها في إعادة الإعمار مع حماية المدنيين بإخراجهم من القطاع ورفض وجود حماس كمكون في حكم القطاع بهذه المرحلة، مؤكدا أن الخطة المصرية العربية قدمت - بين ثناياها - حلولا لهذه التحديات التي خلقتها الإدارة الأمريكية من خلال إعادة الإعمار وبقاء أهالي القطاع ووجود بعثة مدنية عربية مشتركة وتقديم دعم للسلطة الفلسطينية مع إجراء الإصلاحات السياسية عليها مع عدم وجود فصائل المقاومة بهذه المرحلة، كما أن مباركة حماس وفصائل المقاومة للخطة العربية وضع الإدارة الأمريكية بمأزق.
الموقف التاريخي والإنساني للرئيس السيسي والملك عبدالله الثاني
بدوره.. قال الدكتور محمد حسن الطراونة الأمين العام المساعد بحزب "الأنصار" الأردني، إن اهتمام الإعلام الأمريكي - خصوصا "واشنطن بوست" - بالخطة المصرية لغزة والمدعومة عربيا؛ يمثل تغييرا في الموقف الأمريكي إزاء اقتراحات التهجير، معتبرا أن ذلك "رسالة" من الإعلام الأمريكي بأنه ضد فكرة واقتراح الرئيس ترامب؛ وهذا في حد ذاته لصالح الفلسطينيين والقضية الفلسطينية وتأكيدا للموقف التاريخي والإنساني للرئيس السيسي والملك عبدالله الثاني.
وأضاف الطراونة أن الإعلام الأمريكي لا يتحدث من فراغ وإنما هو جزء من الرأي العام الأمريكي والعالمي؛ وبالتالي هذه "ورقة ضغط جديدة" على الإدارة الأمريكية لقبول الموقف العربي الموحد، مؤكدا أنه لولا الموقف المصري والأردني الرافض للتهجير واعتباره خطا أحمر، وإعلان حرب ما كان التراجع الأمريكي الواضح بشأن فكرة التهجير؛ وتقرير الصحيفة الأمريكية مقدمة لذلك.
وكشف أن التقرير الصحفي الأمريكي جاء بعد يوم من مباحثات عربية أمريكية في الرياض؛ وبالتالي يمثل رسالة قوية للإدارة الأمريكية بأن الموقف العربي الموحد هذه المرة لا رجعة فيه؛ وبالتالي لا بد من قبول الخطة المصرية العربية، مؤكدا أن مصر وضعت خطة لا يستطيع أحد أن يرفضها ولا يتحدث عنها لأنها نابعة من موقف إنساني في المقام الأول وخاضعة للقانون الدولي الذي يرفض تهجير أي مواطن من دولته تحت أي مسمى.
من جانبه.. قال عبدالله حسان الفاخوري القيادي بحزب "المستقبل والحياة" الأردني، إن تسليط الضوء على الخطة المصرية العربية بشأن غزة من قبل الإعلام الأمريكي وتحديدا عبر صحيفة كبيرة مثل "واشنطن بوست" - الأكثر انتشارا وتأثيرا في الرأي العام الأمريكي والعالمي - يمثل قوة دفع كبيرة لإنجاح الخطة المصرية التي كانت بمثابة نقلة نوعية في الموقف العربي الموحد ضد الاقتراحات الأمريكية والمحاولات الإسرائيلية لتهجير الفلسطينيين، مؤكدا أن مصر والأردن حققا نجاحا تاريخيا في التصدي لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية بدواعي أحداث 7 أكتوبر.
وأضاف الفاخوري، أن الصحيفة لم تكتف بمجرد عرض الخطة وتفاصيلها بل دعت الإدارة الأمريكية إلى ضرورة العمل بها وقبولها؛ مما يمثل انتصارا حقيقيا للدور المصري والأردني والعربي، منوها بأن الخطة المصرية العربية تمثل الحل الأمثل والرئيسي لعدم تصفية القضية الفلسطينية وأيضا وضع الإدارة الأمريكية أمام مسئوليتها الدولية عقب الرفض العربي والأوروبي والعالمي لفكرة تهجير الفلسطينيين لإعادة إعمار غزة.
ودعا إلى ضرورة أن يستغل العالم العربي - خصوصا الإعلام - لمثل هذه التقارير في الصحافة الغربية والأمريكية؛ لتكون "ورقة ضغط" أيضا على الإدارة الأمريكية.. مؤكدا أن هذا الاختراق المصري العربي يعد بداية جديدة لحماية القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.
وكانت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أشادت بالخطة العربية لغزة التي طرحتها مصر في القمة العربية الأخيرة وأيدتها الدول العربية والإسلامية، فضلا عن الدعم الأوروبي.
وأكدت "واشنطن بوست" - في افتتاحيتها أمس - أن الخطة المصرية للتعافي المبكر وإعادة إعمار وتنمية قطاع غزة، المدعومة عربيا وإسلاميا وأوروبيا؛ تقدم نقطة انطلاق مفيدة للمحادثات حول مستقبل غزة وخارطة طريق واضحة لإعادة الإعمار، وتحدد تكلفة مالية وتستحق الدراسة الجادة من الولايات المتحدة وإسرائيل.
ونصحت الصحيفة، الإدارة الأمريكية بالتعامل بجدية مع الخطة العربية لغزة؛ باعتبارها الخيار "العملي والعقلاني الوحيد" القابل للتطبيق على الأرض، لاسيما بعد أن لقيت الخطة العربية دعما إسلاميا وأوروبيا؛ يهيئ كل السبل لإنجاح تنفيذها.
وذكرت "واشنطن بوست" أن الدول العربية - إلى جانب معظم دول العالم - أدانت اقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسيطرة على غزة، وتهجير أكثر من مليوني فلسطيني بشكل دائم وتحويل القطاع المدمّر بفعل الحرب إلى "ريفييرا فاخرة" على البحر الأبيض المتوسط، وقد عزز ترامب هذه الفكرة بفيديو جرى إعداده باستخدام الذكاء الاصطناعي؛ يظهر غزة المستقبلية التي تحتوي على أشجار النخيل، وتمثال ذهبي له".