يُعد السعي بين جبلي الصفا والمروة أحد الأركان الأساسية للحج والعمرة، حيث يؤديه المسلمون اقتداءً بالسيدة هاجر، التي سعت بين الجبلين بحثًا عن الماء لابنها إسماعيل -عليهما السلام-.
وطبقا لـ تحيا مصر ، يبلغ عدد أشواط السعي سبعة، حيث يبدأ الساعي من الصفا وينتهي بالمروة، ثم يعود من المروة إلى الصفا ليحسب شوطًا ثانيًا، وهكذا حتى يُكمل سبعة أشواط.

كيفية أداء السعي بين الصفا والمروة
عند الصعود إلى جبل الصفا، يُستحب للحاج أن يستقبل الكعبة، ويكبر، ويهلل، ويصلي على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، ثم يدعو بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة.
وينطلق الساعي بعد ذلك بخطى عادية في الممر المخصص، لكنه يسرع قليلًا عند المرور بين الميلين الأخضرين، وهو ما يُعرف بالهرولة، وتُعد هذه السنة خاصة بالرجال دون النساء.
وعند الوصول إلى المروة، يتوقف الحاج للحظات، يكرر التكبير، ويصلي على النبي، ويدعو الله بما يشاء، وهكذا يكون قد أنهى شوطًا واحدًا، يُكرر هذا الأمر حتى يُكمل الأشواط السبعة، مع التزام الخشوع والذكر والاستغفار.
عند إتمام السعي، يتم التحلل من الإحرام، حيث يُسن للرجال حلق الرأس أو تقصيره، أما النساء فيقصصن مقدار أنملة من شعرهن، وبعد ذلك، يصبح الحاج حلالًا من كل محظورات الإحرام حتى موعد الإحرام بالحج.
أدعية السعي بين الصفا والمروة
لا توجد أدعية محددة وواجبة أثناء السعي، لكن يُستحب للمسلم الإكثار من الذكر والتكبير، وقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير»، والتسبيح والاستغفار، وسؤال الله المغفرة والرحمة له ولوالديه وللمسلمين جميعًا.
المسافة بين الصفا والمروة
الممر الذي يربط بين الصفا والمروة يُعرف بالمسعى، وهو الآن مدمج ضمن المسجد الحرام بعد التوسعات السعودية. تختلف التقديرات حول طول المسافة بين الجبلين، حيث تتراوح بين 375 إلى 405 أمتار تقريبًا، مما يجعل إجمالي المسافة التي يقطعها الساعي في سبعة أشواط حوالي 2.7 كيلومتر.
سنن وأحكام السعي بين الصفا والمروة
يُستحب أن يكون السعي متواصلًا دون انقطاع طويل، إلا إذا دعت الحاجة إلى الراحة. كما يُفضل أن يكون بعد الطواف مباشرة، وإن جاز تأخيره.
ويُسن للرجال الإسراع بين الميلين الأخضرين، والصعود على جبلي الصفا والمروة لرؤية الكعبة -إن أمكن- والوقوف للدعاء.
أما فيما يتعلق بالطهارة، فلا يُشترط أن يكون الساعي على وضوء، وإن كان ذلك أفضل. كما أن السعي يجب أن يتم في المسعى المحدد، وأي سعي خارجه لا يُعتبر صحيحًا.
أحكام خاصة بالسعي
إذا بدأ الساعي بالمروة بدلًا من الصفا، لا يُحسب ذلك شوطًا، ويجب عليه إعادة العدّ من الصفا.
لا يُعتبر السعي صحيحًا إلا إذا كان بعد طواف، سواء كان فرضًا أو نافلة.
القارن والمفرد يكتفيان بسعي واحد بين الصفا والمروة، ولا يحتاجان لإعادة السعي بعد طواف الإفاضة.
السعي بين الصفا والمروة للمرأة الحائض
يجوز للحائض أن تؤدي السعي، لأن الطهارة ليست شرطًا لصحة السعي، بخلاف الطواف الذي لا يصح إلا بالطهارة. وقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال للسيدة عائشة -رضي الله عنها- عندما حاضت أثناء الحج: «اقضي ما يقضي الحاج، غير ألا تطوفي بالبيت»، مما يدل على جواز السعي للحائض.
ماذا لو نسي الحاج السعي بين الصفا والمروة؟
السعي ركن أساسي في الحج والعمرة، ومن تركه وجب عليه العودة لأدائه، حتى لو غادر مكة.
لا يُجبر تركه بدم عند جمهور الفقهاء، لكن الحنفية أجازوا لمن تركه لعذر أن لا شيء عليه، أما من تركه عمدًا فعليه ذبح شاة، ومن ترك ثلاثة أشواط فأقل فعليه التصدق.
التعامل مع الشك في عدد الأشواط
إذا شك الساعي في عدد الأشواط أثناء السعي، فإنه يبني على العدد الأقل ويكمل الأشواط الناقصة، أما إذا كان الشك بعد الفراغ من السعي، فلا يُعتدّ به، ويُعتبر السعي صحيحًا.
أخطاء شائعة أثناء السعي
1. الاعتقاد بوجوب الوضوء للسعي: الوضوء مستحب لكنه ليس شرطًا لصحة السعي.
2. قراءة الآية: "إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ" في كل شوط: الصحيح أنها تُقرأ مرة واحدة عند بدء السعي.
3. تخصيص كل شوط بدعاء معين: لا يوجد أدعية محددة لكل شوط، ويجوز الدعاء بما شاء.
4. الهرولة طوال المسافة بين الصفا والمروة: السنة أن يكون الإسراع فقط بين الميلين الأخضرين.
5. التزام ترتيب معين للأشواط الثلاثة الأولى مثل الطواف: السعي كله يكون بنفس الطريقة، دون تفريق بين الأشواط.
يُعد السعي بين الصفا والمروة شعيرة عظيمة، تمثل تذكيرًا للمسلمين بالصبر والتوكل على الله، ومن خلال اتباع السنة النبوية، يحقق الحاج والمعتمر أكمل صورة من العبادة، راجيًا القبول والمغفرة من الله سبحانه وتعالى.