في كلمة تعكس حجم الأزمات الإنسانية والتحديات في عالم مضطرب، وجّه رئيس مجلس الوزراء ووزير خارجية قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، تحذيراً شديد اللهجة من تداعيات التحولات الجذرية التي يشهدها النظام الدولي، مؤكداً أن الأمن العالمي لم يعد يُبنى على قرارات فوقية، بل على مجتمعات متماسكة وإنسانية قائمة على التضامن والعدالة.
وحاء ذلك خلال خطاب لرئيس الوزراء ووزير خارجية قطر في مؤتمر دولي رفيع، مضيفًا أن الغذاء والدواء تحولا إلى أسلحة وأطفال الأزمات ليسوا مجرد أرقام
وجاءت تصريحات وزير الخارجية القطري في ظل استمرار النزيف في غزة، والانهيار المؤسسي في سوريا ولبنان، وتفاقم أزمات التمويل لإعادة الإعمار، وسط ما وصفه بتراجع الالتزام الأخلاقي للمجتمع الدولي.
تحولات جذرية في النظام العالمي
أكد رئيس وزراء قطر أن النظام الدولي الحالي يمر بتحولات غير مسبوقة، ما يستوجب إعادة تقييم عميق لمفاهيم الأمن، ومراجعة شاملة للسياسات التي أدت إلى الانقسامات والنزاعات.
وقال: لا يمكن للأمن الدائم أن يُبنى على القوة وحدها أو القرارات الفوقية، بل على أسس العدالة وبناء المجتمعات المتماسكة، وهو ما تعلمناه من تجاربنا.
أطفال الحروب ليسوا أرقاماً
الأزمات الإنسانية، شدد الشيخ محمد بن عبد الرحمن على أن أطفال غزة وسوريا والسودان وأوكرانيا ليسوا مجرد أرقام في نشرات الأخبار، بل هم مستقبل أجيالنا التي نتحمل مسؤوليتها.
وانتقد ما أسماه بوصمة العار التي لحقت بالمجتمع الدولي، قائلاً: "من المؤلم أن يصبح الغذاء والدواء سلاحاً لتحقيق مكاسب سياسية ضيقة، في ظل معاناة شعوب بأكملها.
إعادة الإعمار.. حلم مؤجل
أعرب وزير خارجية قطر عن أسفه من أن مشاريع إعادة الإعمار، سواء في غزة أو سوريا، تحولت إلى مجرد أحلام مؤجلة، في ظل تعدد الأزمات وتراجع التمويل الدولي.
وأضاف: ما يجري في غزة منذ أكثر من عام ونصف غير مسبوق في تاريخ البشرية الحديث، والسكوت العالمي عليه لا يمكن تبريره.
قطر ملتزمة ببناء السلام
أكد الشيخ محمد التزام قطر بمواصلة جهودها في دعم الاستقرار والحوار، قائلاً: "نحن ملتزمون بلعب دور بنّاء في بناء سلام حقيقي ومستدام، يقوم على التواصل مع جميع الأطراف، ودعم الخطاب الوطني الجامع، لا سيما في سوريا ولبنان.
وفيما خص الملف اللبناني، وصف انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة بأنه فرصة ذهبية لإعادة إحياء المؤسسات الوطنية التي تمثل دعامة الاستقرار.
دعم فلسطين واجب أخلاقي
وختم الوزير القطري كلمته بتأكيد موقف بلاده الثابت تجاه القضية الفلسطينية: دعمنا للشعب الفلسطيني ليس مجرد موقف سياسي، بل واجب أخلاقي نؤمن به ولن نتخلى عن التزامنا مهما طال الزمن أو تعقدت الظروف".
خطاب رئيس الوزراء القطري لم يكن مجرد إحاطة سياسية، بل صرخة ضمير عربي أمام عجز العالم عن إنقاذ الأبرياء من نار الحروب والنزاعات، ودعوة صريحة لإعادة التفكير في أولويات المجتمع الدولي، حيث باتت الإنسانية نفسها مهددة في ظل عالم مشغول بالمصالح على حساب القيم
