حدث انفجار ضخم اليوم السبت، في ميناء الشهيد رجائي بمدينة بندر عباس جنوب إيران، وهو ما أثار تساؤولات حول تورط إسرائيل في الحادث وما إذا كان لها مصلحة في ذلك خاصة في ظل المفاوضات الأمريكية- الإيرانية بشأن البرنامج النووي الإيراني.
الإنفجار الكبير أسفر عن إصابة أكثر من 500 شخص، وأكدت وسائل إعلام إيرانية أنه تم إيقاف جميع الأنشطة في الميناء حتى تمكن قوات الأمن والإغاثة من السيطرة على الوضع بسرعة.
وميناء بندر عباس من الموانئ الاستراتيجية في إيران، حيث يركز على حركة الحاويات ويحتوي على خزانات نفطية ومنشآت بتروكيماوية.
غياب الأدلة المباشرة
ويرى الباحث في الشؤون الإسرائيلية والدراسات الاستراتيجية محمد وازن، أنه من غير الممكن الجزم بشكل قاطع بأن الانفجار الذي وقع مؤخرًا يستهدف تعطيل المفاوضات الجارية بين الولايات المتحدة وإيران، خاصة في ظل غياب الأدلة المباشرة التي تربط الانفجار بأي جهة خارجية، مضيفًا:"التوقيت وحده يثير تساؤلات مشروعة، خصوصًا أنه تزامن مع جولة محادثات حاسمة بين الطرفين".
وأضاف "وازن" أن أي جهة معارضة للتقارب الأميركي الإيراني قد تسعى إلى استغلال هذه الأحداث الأمنية لإرباك أجواء المفاوضات وزرع الشكوك بين الطرفين. ومع ذلك، أكّد أن المؤشرات القادمة من طهران وواشنطن توحي بوجود حرص على استمرار قنوات الحوار، وعدم السماح لأي حدث جانبي بعرقلة مسار التفاوض، بالنظر إلى أن الطرفين يدركان هشاشة الحلول الدبلوماسية وحاجتها إلى بيئة مستقرة نسبيًا.
إفشال مسار التفاوض
وفيما يتعلق بما إذا كانت تل أبيب تقف وراء الحادث في محاولة لإفشال مسار التفاوض، أشار "وازن" إلى أن إسرائيل تاريخيًا لا تخفي معارضتها لأي اتفاق قد يؤدي إلى تخفيف الضغوط على إيران أو إعادة دمجها في النظام الدولي، خاصة فيما يتعلق ببرنامجها النووي، لافتًا إلى أنه في هذا التوقيت بالذات، من غير المرجح أن تكون إسرائيل قد تورطت مباشرة في الانفجار.
وأوضح الباحث في تصريحات خاصة لـ "الدستور" أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رغم عدائه الشديد لطهران، يتحرك في ظل معادلات معقدة، أبرزها الحفاظ على العلاقة الاستراتيجية مع واشنطن، خاصة في ظل حساسيات الإدارة الأميركية بشأن أي تصعيد قد يعرقل المفاوضات، وخلص إلى أن إسرائيل، إذا كان لها دور، فمن المحتمل أن يكون عبر عمليات غير مباشرة أو عبر وسطاء محليين داخل إيران، على غرار ما حدث في الهجمات السيبرانية السابقة.
وعما إذا كانت إسرائيل تسعى لدفع الولايات المتحدة إلى تبني الخيار العسكري ضد إيران، أوضح "وازن" أن إسرائيل لطالما دعت المجتمع الدولي، وفي مقدمته الولايات المتحدة، إلى اتباع نهج أكثر صرامة تجاه إيران، مع إمكانية النظر في الخيار العسكري، مشيرًا إلى أن الظروف الإقليمية والدولية الحالية لا تسمح بسهولة بجر الولايات المتحدة إلى مواجهة عسكرية مفتوحة مع إيران.
احتواء إيران
وأضاف في تصريحاته لـ "الدستور": "إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب كانت تفضل احتواء إيران عبر أدوات دبلوماسية واقتصادية بدلًا من العمل العسكري المباشر، مشيرًا إلى أن إسرائيل تدرك تمامًا أن أي تحرك عسكري غير محسوب قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي، وهو ما قد يضر بمصالح جميع الأطراف، بما في ذلك تل أبيب نفسها.
وفيما يخص السيناريوهات المحتملة لرد الفعل الإيراني على الانفجار، أشار "وازن" إلى أن إيران في موقف حساس للغاية، حيث تسعى إلى تخفيف العقوبات واستعادة وضعها الاقتصادي من خلال المفاوضات مع الولايات المتحدة، وقال: "من المرجح أن يكون رد الفعل الإيراني محسوبًا للغاية، يميل إلى التهدئة أكثر من التصعيد."
سيناريوهات الرد الإيراني
وأوضح أن هناك عدة سيناريوهات محتملة للرد الإيراني، ومنها: التقليل من أهمية الحادث عبر التركيز على الجانب الفني للانفجار (مثل كونه حادثًا عرضيًا بسبب مواد خطرة) لتجنب ربطه بأي عمل عدائي خارجي، أو فتح تحقيقات داخلية فقد تسعى السلطات الإيرانية إلى إظهار الجدية عبر التحقيقات المحلية، محمّلة الأطراف الداخلية المسؤولية، وتصعيد إعلامي محدود فقد تستخدم إيران لغة إعلامية تتهم فيها "أعداءها" دون توجيه اتهام رسمي، حفاظًا على إمكانية استمرارية المفاوضات، بالإضافة إلى تفعيل أدوات الرد غير المباشر في حال تبين تورط طرف خارجي، قد ترد إيران عبر أدوات غير مباشرة، مثل الهجمات السيبرانية أو من خلال حلفائها الإقليميين، دون الإعلان رسميًا، لضمان استمرار المناخ التفاوضي.
واختتم "وازن" حديثه لـ "الدستور" بأن إيران تدرك أن التصعيد في هذه المرحلة سيؤدي إلى خسائر أكبر من الفوائد التي قد تتحقق عبر الصبر السياسي.
 - نجوم مصر){kind=link}