الجمعة 25/أبريل/2025 - 05:35 م
تخبيطات الدنيا في تفاصيل حياتنا مش بتخلص، وتقريبًا كل يوم كل واحد فينا بيقابل خلال الـ 24 ساعة كذا مطب متعلقين بشغله أو بدراسته أو بعلاقاته، بتخلي صلته بيهم على المحك وبناءً على ذلك وتحت الضغط ممكن الشخص ياخد قرار مصيري صح أو غلط يتحكم في حياته كلها بعد كده!
من سنتين في 2023 كان الشاب المصري البسيط محمود عبد الله، واللي بيشتغل عامل في مركز أشمون محافظة المنوفية، راجع من شغله وفي جيبه مرتبه اللي كان لسه قابضه وقيمته 3000 جنيه.. محمود كان حاسس وهو راكب الميكروباص ومروح إنه مالك الدنيا كلها بين إيديه خصوصًا إن المرتب لسه سخن وهيقدر يدلع نفسه هو وأسرته دلع يتناسب مع يوم القبض.. وصل الموقف عشان يركب عربية تانية بيحط إيده على جيبه ماحسش بالفلوس!.. يا نهار منيل.. قلّب في جيوبه كلها يمين وشمال برضه مفيش!.. رجع للعربية اللي لسه نازل منها وفتشها حتة حتة برضه مفيش أثر للفلوس.. طبعًا فضل واقف في الشارع بيكلم نفسه وكل اللي بيشوفه بيقول عليه مجنون.
صدمة واختبار صعب طبعًا خصوصًا إننا بنتكلم عن شاب مسؤول عن أسرة وبيت وفي الظروف دي أساسًا الدنيا بتمشي بـ الزق فما بالك بقى لما مايبقاش معاك حتى اللي تزقه!.. قعد 4 أيام لا بياكل ولا بيشرب ومش عارف يتصرف إزاى ونفسه مسدودة من الدنيا.. وصل لمكان شغله واتلهى فيه وبعد ما خلص جرى على الميكروباص عشان يركبه خصوصًا إنه كان فيه أماكن فاضية على غير العادة.. وهو سرحان من شباك الميكروباص بيفكر لسه في دوامة الصدمة بتاعة السرقة رجله خبطت في جسم صلب تحت الكرسي اللي قدامه!.. مد إيده عشان يشوف إيه ده لقاها شنطة مقفولة!
كواحد لسه دايق مرار إنك تفقد فلوسك وشقاك ماكنش محمود عنده أي نية يسلم الشنطة لا للسواق ولا في الموقف.. قرر ياخدها معاه بيته عشان يشوف فيها إيه.. لقى فيها مبلغ مالي 5000 جنيه، ودهب بقيمة 100 ألف جنيه!.. طبعًا واحد غيره وارد كان يقول الله ده عوض ربنا اللي حاسس بيا ورضاني وعوضني وياخد الشنطة بالفلوس بالدهب ولا مين شاف لا مين دري.. بس لأ.. البني آدم النضيف ده قرر هو ومراته وحماه وبعد ما أخدوا رأي بعضهم إنهم يلاقوا صاحب الشنطة.. بعد شوية بحث فوجئ محمود بحد كاتب بوست على جروبات البلد إن فيه فلوس ودهب ضاعوا منه.
تواصل معاه وسأله شوية أسئلة عشان يتأكد إن هو وفعلًا طلع صاحب الشنطة.. تخيلوا الشنطة دي كانت إيه؟.. كانت بتاعت راجل كبير شوية في السن وعنده بنت والبنت دي كانت مخطوبة بس ماحصلش نصيب وكان رايح يرجع دهب الشبكة والفلوس لخطيب بنته السابق، وبسبب لخمة ظرف الفركشة نسي الفلوس في العربية!.. صاحب الشنطة أخدها من محمود وعرض عليه مكافأة بس هو رفض وقال إنه معملش غير الواجب وبس.. بيقول محمود: أنا اتحرق قلبي على مرتبي وماقدرش أحرق قلب غيري على فلوسه.. حد الله بيني وبين الحرام لإنه مابيدومش.
كان ممكن الحكاية تخلص لحد هنا وهتكون نهائية عظيمة وفي قمة النُبل بس القدر أراد إنها تنتهي نهاية مثالية كمان، فبعد ما كتبت قصة محمود عندي على حسابي الشخصي على إنستجرام جاتلي رسالة من فنانة شابة محترمة ومعروفة جدًا بتطلب مني أي طريقة تواصل بـ محمود لإنها حابة تبعتله هدية مالية!.. طبعًا إدتها الرقم وتواصلت معاه وبعتت له شخص من طرفها دون ما يقول هي مين بالظبط وسلمه مبلغ مالي كبير عشان يعمل بيه مشروع، ورغم إن الولد كان رافض في الأول لكنهم أقنعوه لما قالوله إنه ممكن يعتبرهم سلف لحد ما يعمل مشروع والمشروع يقف على رجليه فوافق!.. عوض رباني سريع ومُلهم ومن اتجاه مش متوقع تمامًا.. والسبب؟.. إن محمود شاف ربنا قدام عينه قبل ما يعمل اللي عمله فكان طبيعي تكون النتيجة جبر، وعوض.
وإحنا على البر سهل جدًا نقول إننا تمام وأخلاقنا زي الفل ومستحيل نغلط.. بس الاختبار الحقيقي لأخلاقك وتربيتك بيكون وأنت في عز الأزمة ومفيش رقيب عليك غير ربنا ولما بيكون قدامك مليون مبرر تخدر بيهم ضميرك وتبرر الغلطة!.. الدنيا لسه بخير طول ما فيها ناس حلوة بيشتروا رضا ربنا مهما كانت المغريات قدامهم واللي ربنا وبسبب رضاهم ده مستحيل يتخلى عنهم.. ربنا ينجينا من اختبارات الدنيا المفاجئة، ويخرجنا منها على خير.