الخميس 24/أبريل/2025 - 12:32 م 4/24/2025 12:32:44 PM
حالة خلل، وغياب هوية، وتراجع فكري عقائدي، يعيشها البعض مؤخرًا، بذاءات على السوشيال ميديا تراشق ألفاظ كأن الصفحات الإليكترونية الرسمية وغيرها أو بوستات الأخبار التي تنشرها المواقع الصحفية على صفحاتها عبر مواقع السوشيال ميديا، بحرًا واسعًا يسبح فيه كل ضال مفتقد لأدنى حدود الأدب.
تعج صفحات المواقع الصحفية على مواقع التواصل الإجتماعي بتعليقات سخيفة لاتعبر عن هوية مصرية ولا تنتمي لدين وقيم مجتمعية، كأن المعلق ينتقم من الكاتب، ولا يحترم أي قيمة مجتمعية تطاول لفظي يصل إلى حد السباب والخوض في الأعراض، وهنا نتسائل: لماذا لاتوجد رقابة على هذه التعليقات؟، وهل إذا وجدت آلية لردع تلك الفعلات الخبيثة ووقف تلك السخافات، ستضمن القضاء على تلك الظاهرة؟
هذه الحالة هي دخيلة على مجتمعنا لم تكن موجودة من قبل لكنها ظهرت بقوة خلال السبع سنوات الماضية، لم يكن هناك تعليقات سخيفة تستهدف الأشخاص، كانت السوشيال ميديا كما بدأت منذ مهدها حقلا للتعارف والتصاحب حتى أصبحت ساحة كبيرة يتلاقى فيها الجميع، من يريد أن يبحث عن أصدقاء قدامى يسارع إلى السوشيال ميديا، اليوم وفي ثوب جديد الجميع يكاد يهرب من تلك الصفحات لما طرأ عليها مؤخرًا.
مع الانفتاح على الصفحات المختلفة وانتشار "فيسبوك" تحديدًا، بين مختلف الفئات سواء العمرية الثلاثينية أو العشرينية، أو مادون ذلك أو أكثر تبدل الحال وأصبح كل منا جالس في بيته على ـ سريره ـ، يقلب الصفحات يرى أخبار العالم، الجميع بين يديه أخبار المشاهير، أفراح النجوم، جنازات الكبار، يطالع العالم من خلف شاشة صغيرة يستطيع أن يرى العالم كله ويتفاعل معه، يشيد بمن يشاء ويسخر ممن يشاء بناءً على رغبته وحضوره الشخصي وتقييمه النابع من ثقافته.
هؤلاء السخفاء الذين أتحدث عنهم أفسدوا الذوق العام، ساهموا في بلادة القيم وغيابها، بمجرد ما يرى صورة لفنان أو شخصية سياسية يدخل ويكتب مايحلو له، لايعلم مدى تأثير الكلام المكتوب على ثقافة المجتمع يكتب حسب ثقافته وتربيته ونشأته، لم يرع من الكون إلا الجزء المتاح أمامه، أنا ألوم عليه سزاجته، ألوم عليه تدني ثقافته.
لمثل هؤلاء أقول: لكم دينكم ولي دين، أتمنى أن نتعامل كلنا وفق هذا النهج القرآني الإسلامي، أن كل الأديان السماوية مقدسة، كل فريق وفق ما اعتنق واعتقد، لايوجد أحد كائن من كان يستطيع أن يسخر من رموز الأدياب فهم عنوان رُسُلُ المحبة والسلام والحق والعدل.
هؤلاء الشرذمة أنهكوا الجميع، أحبطوا الذوق العام وأتعبوه، بمجرد أن ينتشر خبر لايناسب هويتهم تجد لجان إليكترونية أشبه بالبعوض المتناثر فوق مقلب من القمامة، تجدهم يطفوا تارة وينغمسوا تارة أخرى، لكن تجمعهم رائحة التشوية، رائحة التعليق السخيف والتجريح.
هؤلاء الأوغاد لم يفسدوا الذوق العام فقط، بل أحبطوا الجميع، هم لاينتقدون المشروعات القومية التي تعلنها الحكومة، ولا ينتقدون تحركات الرئيس أو قراراته رغم أننا نؤمن برؤيته وأفكاره، هم يعارضون فقط للمعارضة، كأنهم يقولون خلقنا للتنكيل والنقد والرفض، إن تطلب منهم الفهم أو مراجعة النفس تجدهم يتناحرون ويتهافتون ليصفوك بأسوء الألفاظ والعبارات والجمل، علم النفس وصفهم بأنهم مختلون فكريًا، يدعون ويناقشون الأحداث وفق ثقافتهم الفكرية التي وصفوها بالمتدنية، علماء الدين، يروا فيهم أنهم لايحسنون صنعًا، ولا ينزلون الناس منازلهم، فهم بكل اللغات مخطئون فاقدون للأدب واللياقة الفكرية، لايعلمون ولايفقهون، ليس لهم من أمرهم شئ سوى التجريح والتشوية فقط لأجل التشوية.
الأمر لاينتهي عند نقد صورة أو كتابة تعليق مسيئ أوتجريح يصل لحد السباب، لكنهم يسخرون من الموت، يسخرون من الرموز الدينية رغم اختلاف عقيدتها، يسخرون من موت الفقية المسلم العابد، وينهالون بالسب على القديس المسيحي، كأن عالم السوشيال ميدا ألم وأصاب بالأديان، أيُ دين ذلك الذي يأمر أتباعه بسب من ليس على ديانته؟، الأديان جميعًا يبرؤون من تلك الأفعال، الأديان السماوية كُلها تشتكى من هؤلاء الشرذمة القليلون، وكأن حتقدس رموز الدين الإسلامي والمسيحي حتى اليهودي، لايوجد دين سماوي يأمر أتباعه بالسخرية والتشهير والنيل من أي شخصية كائن من كان.
لهؤلاء ومن على شاكلتهم أقول: استقيموا يرحمكم الله، لاتسبوا الناس فرب الناس أدرى بأحوالهم، نحن نعيش مجتمعًا واحدًا نأكل ونشرب ونتعامل والدين حياة ومعاملة، الإسلام برئ من أي مسلم يسخر من وفاة مسيحي أو يهودي، كذلك باقي الأديان، ليس مجتمعنا هذا الذي نشاهده في التعليقات على صورة زفاف أو وفاة للمشاهير.
ثقافة المجتمعات تقاس من هذه الشاشة الصغيرة، إذا أردت أن ترى حجم الوعي المجتمعي إبحث عن خباياهم وثقافتهم وتفكيرهم، وإذا بحثنا عن ثقافتنا وأفكارنا وأخرجناها من صفحات المشاهير في تعليقات المنشورات سنجد أننا أمام أزمة أخلاقية كبيرة، أزمة الفعل الفاحش والكتابة غير المتوازنة، حتى أن هناك صفحات مخصصة للجنس والدين عليها عبارات تتبرئ منها كل الأديان السماوية، ما هذه الحالة التي نعيشها مؤخرًا، حالة تية والقلق تصل حد الرعب من مستقبل جيل كامل من المفترض أنه يحمل هوية مجتمع بأسره.
ماينقصنا جميعًا هو إعادة الأمور إلى نصابها، نحتاج إلى عودة فورية للهوية والثقافة المجتمعية، المجتمع تفشى فيه الكذب وغاب عنه القيم والإحترام والمحبة، منذ اللحظة التي غاب عن مجالسنا حضور الكبار ونحن نعاني من أزمات أخلاقية، الريف بأصالته، والصعيد بتقاليده، تبدلت أحوالهم المجالس العرفية التي كان يتصدرها الحكماء والعقلاء تراجعت، تصدر المشهد الهواة من أصحاب النفوذ وصفحات الفيسبوك فهنا أسأل: كيف نواجه غياب هوية ثقافية عن مجتمع وسط موجة من التراجع الفكري المحتدم.
إننا نواجه أزمة بقاء، أزمة وجود، أزمة مجتمع يغرق في بحر كبير من السخافات والبذاءات، تتوسطه أمواج عاتية من إنحدار للثقافة والفكر وتراجع العقلاء والحكماء، اللحظة التي غاب فيها الفكر والثقافة والتربية السليمة على النهج الديني وعلى العادات والتقاليد، داخل البيوت المصرية، انتشرت فيها التفاهات وتراجعت القيم حتى أصبح تحول العيب إلى مسلمات وبديهيات نفعلها يوميًا حتى اعتادنا عليها في مشهد يكتب نهاية القيم وانتشار التعصب والبغضاء، روح البغضاء والأنانية والتربص تنتشر بين الناس، لماذا كل هذا التشاجر والتناحر والنشاذ الذي يطفوا على تعليقات البعض في صفحات ومواقع السوشيال ميديا، أليس فينا رجل رشيد، أليس منا رجل حكيم، أليس من بيننا رجل عاقل، البيوت ياسادة ينقصها عودة القيم ينقصها كلمة عيب!!
العيب أن تترك طفلك ضحية لثقافة مجتع أوشكت على النفاذ، العيب أن تتحول قيم مجتمع مصري عربي مسلم إلى أشباه مجتمعات أوروبية، لاتعرف دينًا ولاثقافة، ولا حضارة، نتمنى أن يكون هناك رادعًا لهذه الأفعال، نتمنى أن يكون هناك حلًا لقضاء على تلك الظاهرة التي إن لم يكتب لها نهاية ستكتب هي نهاية الجميع..