قالت الباحثة المتخصصة في الشأن الإيراني، سمية عسلة، إن تأجيل المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران لا يعد مؤشرًا سلبيًا كما يراه البعض، بل هو دليل على وجود حوار جاد بين الطرفين ورغبة حقيقية في تصفير الأزمات والتوصل إلى اتفاق نووي جديد، قد يُرفق بتعاون اقتصادي بين البلدين.
خلافات فنية طفيفة
وأوضحت عسلة، في تصريحات خاصة لـ"االدستور"، أن سبب التأجيل يعود إلى خلافات فنية طفيفة، أبرزها تحديد الجهة التي ستتولى شراء كمية اليورانيوم المخصب التي تملكها إيران، والمقدّرة بـ250 كيلوغراماً من اليورانيوم بنسبة تخصيب 60%.
وأضافت أن "روسيا، بحسب تقارير، هي المرشح الأقرب للقيام بعملية الشراء، فيما ستتجه إيران مستقبلاً إلى شراء اليورانيوم المخصب من دول أوروبية".
وأكدت عسلة أن السيناريو الأقرب يشير إلى تهدئة مرتقبة في العلاقات بين طهران وواشنطن، واقتراب التوصل إلى صفقة نووية واقتصادية، لكنها شددت في الوقت نفسه على وجود تحديات قد تُعقّد الدخول في المرحلة الثالثة من المفاوضات، على رأسها العقوبات الاقتصادية الجديدة التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والتي تستهدف قطاع النفط الإيراني، معتبرة إياها أداة ضغط أمريكية لتسريع العملية التفاوضية.
كما حذرت عسلة من تأثير جماعات الضغط الأمريكية، وعلى رأسها "إيباك"، التي تضم نحو 50 رجل أعمال أمريكي من أصول إسرائيلية ويهودية، وتؤثر في قرارات البيت الأبيض بما يعكس سياسات حكومة بنيامين نتنياهو، والتي تعارض بشدة أي اتفاق نووي مع إيران، مفضّلة خيار الضربات العسكرية على الحلول الدبلوماسية، وهو ما وصفته عسلة بأنه نهج يقوم على فرض السيطرة حتى لو كان على حساب إشعال المنطقة.
وأضافت أن طهران لا تمنح ثقتها الكاملة لإدارة ترامب، وترى أنها خاضعة لتأثير مجموعات الضغط، ما يُبقي عنصر الثقة المتبادلة بين الطرفين ضعيفاً وهشاً حتى الآن.
عرضا استثمارياً متبادلة بين ايران والولايات المتحدة
وفي ما يتعلق بالشق الاقتصادي، كشفت عسلة أن هناك عرضاً استثماريًا إيرانيًا تم التراجع عن إعلانه، ويتعلق بحجم استثمارات متبادلة بين إيران والولايات المتحدة تصل إلى 2 تريليون دولار، معتبرة أن هذا مؤشر إضافي على المسار الإيجابي للمفاوضات.
واختتمت تصريحها، أن إيران بدأت فعليًا تقليص وجود ميليشياتها في المنطقة، خاصة مع تراجع نفوذها في لبنان وسوريا، وتعرض ميليشيا الحوثي لضربات موجعة في اليمن، ولكنها نبهت إلى أن هذه الخسائر لا تزال محدودة، إذ لم تطل قادة الصف الأول، كما يستمر تدفق السلاح المهرب، مما يُبقي على التهديد الإقليمي قائمًا.