أشاد عدد من الخبراء الفلسطينيين بإبداء حركة حماس للمرونة تجاه المقترح المصرى القطرى الأخير، والذى تضمن تخلى الحركة عن الحكم فى قطاع غزة، مع بدء هدنة تستمر بين ٥ و٧ سنوات، وإطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين، مقابل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين فى السجون الإسرائيلية، وإنهاء الحرب رسميًا، والانسحاب الإسرائيلى الكامل من غزة.
وأوضح الخبراء أن مرونة الحركة تجاه المقترح الجديد، وفى ظل الرغبة الأمريكية المتصاعدة فى وقف الحرب مع قرب زيارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى المنطقة، تضع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو وحكومته المتطرفة فى مأزق كبير، ويهدد بانهيارها مع انسحاب الوزراء المتطرفين فيها.
وقال الدكتور جهاد أبولحية، أستاذ القانون والنظم السياسية الفلسطينى، إن إعلان حركة حماس عن استعدادها الصريح للتخلى عن الحكم فى قطاع غزة يمثل تطورًا بالغ الأهمية فى مسار الصراع الفلسطينى - الإسرائيلى، ويؤشر إلى لحظة سياسية يمكن البناء عليها، خاصة إذا توفرت الإرادة الإقليمية والدولية.
وأضاف: «نحن أمام موقف غير مسبوق من الحركة، يتقاطع مع الجهود التى تقودها مصر وقطر، والتى تُرجمت فى مقترح جديد يعمل عليه الوسطاء، لوضع حد للحرب، وتأسيس ترتيبات اليوم التالى».
وأوضح «أبولحية» أن جوهر المقترح المطروح يقوم على وقف شامل لإطلاق النار، وتجميد العمل العسكرى، مع وضع ترتيبات لإدارة قطاع غزة عبر حكومة وطنية أو كيان انتقالى، لافتًا إلى أن قبول حماس بذلك يعنى عمليًا انتقالًا سياسيًا مدنيًا فى غزة، ينهى ١٧ عامًا من الانقسام، ويعيد الاعتبار لفكرة وحدة النظام السياسى الفلسطينى.
وتابع: «رغم ذلك، من المهم التمييز بين تخلى حماس عن إدارة الحكم فى غزة وبين تفكيك البنية السياسية والعسكرية لها، الحركة لم تلوّح حتى الآن بأى نية للتنازل عن سلاحها كجزء من صفقة الهدنة، بل وافقت على وقفه مؤقتًا ضمن ترتيبات التهدئة، وهذا ما يصطدم مباشرة بالمطلب الإسرائيلى المعلن، والمتمثل فى نزع كامل قدرات الحركة العسكرية، ومن هنا تنشأ المعضلة الجوهرية فى التفاوض».
وأشار إلى أنه من ناحية إقليمية، تسعى القاهرة والدوحة إلى التوصل إلى صيغة توازن بين الشروط الإسرائيلية والحد الأدنى من المطالب الفلسطينية، لافتًا إلى أن هذه الوساطة تستند إلى مقاربة ثلاثية الأبعاد وهى: «وقف إطلاق نار بضمانات، وانتقال سياسى داخلى بإجماع وطنى، ومن ثمّ معالجة ملفات مثل إعادة الإعمار وإدماج غزة فى النظام المالى والإدارى للسلطة».
وأكد «أبولحية» أن اللحظة الحالية تتطلب مقاربة عقلانية من جميع الأطراف، تقوم على التحول من إدارة الصراع إلى إنهائه تدريجيًا، مشددًا على أن نجاح هذا المسار لا يرتبط فقط بمرونة حماس أو موقف إسرائيل، بل كذلك بقدرة القيادة الفلسطينية الرسمية على تحمل مسئولية الحكم الموحد، وتهيئة المناخ لإعادة بناء النظام السياسى على أساس الشراكة لا الإقصاء.
فيما أكد عماد عمر، الكاتب والمحلل السياسى الفلسطينى، أن الحكومة الإسرائيلية، بقيادة نتنياهو، تسعى لاستمرار الحرب على غزة، وتصدير كل الأزمات التى تواجهها، مع الجمهور والمعارضة الإسرائيلية والجهاز القضائى، إلى الفلسطينيين، مشيرًا إلى أن نتنياهو يضع العراقيل أمام الوصول لأى صفقة تنهى الحرب على غزة، لأنه يعلم جيدًا ما سيترتب على أى اتفاق، فى ظل وجود الوزراء المتطرفين فى حكومته.
وقال: «المقترح الجديد الذى قدمه الوسطاء للأطراف ينص على: هدنة لفترة طويلة تستمر ما بين ٥-٧ سنوات ووضع سلاح حماس، وتسليم جميع المحتجزين الإسرائيليين، وإنهاء حكم حماس بالكامل من قطاع غزة، مقابل وقف الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلى من القطاع، وإدخال المساعدات، والإفراج عن أسرى فلسطينيين يتم الاتفاق عليهم».
وأضاف: «يتضمن المقترح أيضًا تسلم لجنة الإسناد الأمور الإدارية فى القطاع، مع تولى السلطة الجوانب الأمنية، والبدء بإعادة إعمار قطاع غزة، وهذا بوجهة نظرى ربما يكون مقبولًا من قبل حركة حماس، ولكن نتنياهو سيحاول التهرب من ذلك».