وصل وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، اليوم الخميس إلى العاصمة الروسية موسكو، على رأس وفد دبلوماسي رفيع المستوى، في زيارة تحمل طابعاً استراتيجياً، تهدف إلى تعزيز التنسيق الثنائي بين إيران وروسيا في ظل المستجدات المتسارعة على الساحة الإقليمية والدولية، لا سيما فيما يخص ملف طهران النووي والمفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة.
رسالة خامنئي: محور اللقاءات
وتأتي الزيارة في إطار تسليم رسالة خطية من المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو ما أكده عراقجي فور وصوله موسكو، موضحاً أن الرسالة تتناول قضايا "ثنائية، إقليمية ودولية"، دون الإفصاح عن تفاصيل محددة، ما يزيد من أهمية وتوقيت الزيارة في ظل تصاعد التوترات النووية والمواقف الغربية من أنشطة إيران النووية.
تنسيق استراتيجي دائم
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، أن زيارة عراقجي إلى موسكو تم الإعداد لها مسبقاً، وتأتي تلبية لدعوة رسمية من وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، مشيراً إلى أن اللقاءات المزمع عقدها تندرج ضمن إطار "التنسيق المتواصل والمشاورات الاستراتيجية بين موسكو وطهران".
وأشار بقائي إلى أن العراقجي سيناقش مع كبار المسؤولين الروس عدة ملفات من أبرزها العلاقات الثنائية، ومجريات المفاوضات النووية الجارية مع الولايات المتحدة، والتطورات الإقليمية، خاصة تلك المتعلقة بأمن الخليج والتغيرات في موازين القوى الدولية.
تحالف استراتيجي طويل الأمد
ووصف بقائي الزيارة بأنها "فرصة ثمينة" لتفعيل الاتفاقات الثنائية، وفي مقدمتها "معاهدة الشراكة الشاملة الاستراتيجية" بين إيران وروسيا، والتي جرى توقيعها في وقت سابق، وتهدف إلى تعزيز التعاون بين البلدين في مجالات الاقتصاد، الطاقة، الأمن والدفاع.
وتأتي هذه الزيارة في وقت حساس للغاية، إذ تواصل الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون الضغط على طهران بشأن ملفها النووي، وسط محاولات لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015.
كما تعكس الزيارة التقارب الروسي-الإيراني في ملفات حساسة مثل الأزمة السورية، وأمن الخليج، والطموحات النووية الإيرانية.
سياق إقليمي متوتر
وفي ظل تصاعد التوتر بين إيران والغرب، خصوصاً بعد تصعيد طهران في تخصيب اليورانيوم، واتهامات متبادلة بخرق بنود الاتفاق النووي، تكتسب زيارة عراقجي إلى موسكو أهمية خاصة، إذ تراهن طهران على دعم موسكو السياسي والدبلوماسي في المحافل الدولية.
من جانب آخر، يرى مراقبون أن تسليم رسالة مباشرة من خامنئي إلى بوتين يكشف عن تطورات دقيقة، قد تشمل مطالب إيرانية بالحصول على دعم أكبر في مواجهة الضغوط الغربية، وربما طرح مبادرات جديدة ضمن مسار المفاوضات غير المباشرة مع واشنطن.
تعكس زيارة عراقجي لموسكو استمرار التنسيق الوثيق بين إيران وروسيا في القضايا الحيوية، وتؤكد سعي الطرفين إلى ترسيخ شراكتهما في وجه التحديات المتنامية.
وبينما تترقب العواصم الغربية مآلات التحركات الإيرانية الأخيرة، تواصل طهران وموسكو ترسيخ تحالفهما في معادلة إقليمية لا تزال متحركة ومعقدة.
