أوضح الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي الديار المصرية الأسبق، الأسباب الكامنة وراء ظاهرة العشوائية في التعامل مع العلم والدين، وتساءل: هل الخلل في المؤسسات الدينية أم في وعي الناس؟ وما هو السبيل لعلاج هذه الظاهرة؟
وخلال ظهوره في بودكاست "مع نور الدين"، المذاع على قناة الناس، قال الدكتور جمعة: “عندما وقعت أحداث عام 2011، جلسنا وناقشنا الأوضاع، ووجدنا أن مصر كانت تضم 196 منطقة عشوائية، وتساءلنا: ما السبب؟ واكتشفنا أنه السكوت، الناس كانت منشغلة بأمور أخرى، ولم تكن تلاحظ انتشار العشوائيات”.
وتابع: "لكن، بفضل الله، قاومنا عشوائيات السكن، ومع أننا لم ننتهِ منها تمامًا، إلا أن الجمهورية الجديدة استطاعت إلى حد كبير القضاء عليها، واستفدنا من تجارب دول عديدة مثل أوروبا والصين، كما تمكنا من القضاء على فيروس سي".
وأضاف: "الآن، جاء وقت مواجهة عشوائيات التدين والفكر، نتحدث عن أشخاص لم يتلقوا العلم بطريقة صحيحة، أو تلقوه بشكل سطحي، فصاروا يمثلون عشوائية معرفية ودينية تهدد الوعي الجمعي، وهذا ما يجب أن نواجهه اليوم، بنفس التصميم الذي واجهنا به عشوائيات السكن".
وتابع: "الإمام الأكبر شيخ الأزهر يقف دائمًا بحزم أمام أي محاولة لإنشاء كيان ديني موازٍ للأزهر، لأن هذا لا يُعد تعليمًا بل مجرد نشر لثقافة مشوشة وغير منضبطة. ما يُطلق عليه أحيانًا أزهر موازي، هو في الحقيقة أشبه بمسجد ضرار، لأنه يُقوّض المنهج الأصيل والعميق الذي يتبناه الأزهر".
وأكد الدكتور جمعة أن الأزهر مؤسسة عريقة، تضم تحت لوائها طلابًا من أكثر من 103 دول، وكل من ينتمي لهذه المؤسسة، بمن فيهم هيئة كبار العلماء، يقفون خلف الإمام الأكبر بإجماع تام، دون خلاف حول أهمية الدفاع عن المنهج الأزهري في وجه أي محاولة لتشويهه أو استبداله".
وأشار إلى أن معرفة التاريخ أمر أساسي لفهم الحاضر، قائلًا: "نحن نعلم جيدًا ما فعله محمد أبو زيد، وندرك موقف محمد نجيب، ونعرف تاريخ بعض الشخصيات التي لا حاجة لذكر أسمائها، ممن أساؤوا للمشهد العلمي والديني، وما آل إليه حالهم اليوم".
وأكمل: "نحن لا نذكر هذه القصة عبثًا، بل نذكرها بهدف العلاج، لندرك أثر العشوائية عبر التاريخ، ونستخلص العبرة، ونعود إلى العلم الصحيح، والنهج السليم".
